"اللهَ مَحَبَّةٌ" (1 يُوحَنَّا 4: 8 ب) . . . . "ذُوقُوا وَانْظُرُوا مَا أَطْيَبَ الرَّبَّ! طُوبَى لِلرَّجُلِ الْمُتَوَكِّلِ عَلَيْهِ" (المَزَامير 34: 8) . . . . "عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ" (1 تِيمُوثَاوُسَ 3: 16 أ) . . . . "مَا أَكْرَمَ رَحْمَتَكَ يَا اللهُ فَبَنُو الْبَشَرِ فِي ظِلِّ جَنَاحَيْكَ يَحْتَمُونَ" (المَزَامير 36: 7)
يسوع المسيح:
هدية الله الذاتية الكليّة
"فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ. وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ..." (يُوحَنَّا 1: 1، 14)
( أ ) خلاصة
(عودة إلى قائمة المحتويات)
بسبب الحالة الفاسدة الساقطة للطبيعة البشرية، لا يستطيع الإنسان أن يقترب إلى الله بمقدرتة الشخصية ولا يستطيع أن يسير مع الله في حياة شركة مقدسة معه: "ألْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ " (رومية 3: 23). لذلك، إختار الله أن ينزل إلى البشرية لكي يحرّر الشخص الذي يتبعه من قوّة وعبودية الخطيئة، ويُقدسه ويرفعه إليه: "إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحاً الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعاً فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ" (2 كورنثوس 5: 19). بالإضافة إلى هذا، أراد الله تأسيس علاقة شركة محبة مع خليقته: "لَذَّاتِي مَعَ بَنِي آدَمٍ" (أمثال 8: 31 b).
جميع وسائل الوحي الإلهي، سواء كانت ملائكة، أو أنبياء، أو معجزات، إلخ، غير كافية، لأنها محدودة. الله وحده هو الذي يستطيع أن يعلن عن نفسه للإنسان. الله وحده يعلم الله تماما، وبالتالي هو الوحيد الذي يستطيع أن يعلن عن ذاته بشكل كامل. ومع ذلك، ينبغي التعبير عن إعلانات الإله اللانهائي الغير محدود بطريقة محدودة يستطيع الأنسان المحدود استيعابها وفهمها. لذلك، فإن تجسد كلمة (ابن) الله ضروري لإعلان إلهي كامل يعبر عن الإله الغير محدود للإنسان المحدود. لقد قال السيد المسيح: "كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الاِبْنَ إِلاَّ الآبُ وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الاِبْنُ وَمَنْ أَرَادَ الاِبْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ" (متى 11: 27؛ لوقا 10: 22).
الله هو إله شخصي. لهذا، لا يستطيع إلا شخص أن يعلنه بشكل كافي كامل. قد يحدثنا كتاب عن الله، لكنّ يعجز أي كتاب عن الإرشاد إلى سمات الله الشخصية كما يستطيع أن يعلنها شخص. أعلن الله طاقاته الإلهية التي تتعلق بخلاص الإنسان بالكامل في يسوع المسيح: "وَالْكَلِمَةُ (المسيح) صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّا. اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ" (يوحنا 1: 14, 18). السيد المسيح ليس فقط يبشر البشرية بكلمة الله، لكنّه نفسه كلمة الله الحية الأزلية الأبدية. هو ليس فقط يقوم بأعمال صالحة، لكنّه نفسه عمل الله المُقدس النهائي لأجل البشرية. يجلب السيد المسيح خير ونعمة الله للبشرية. هو الوحي النهائي الأعظم، ووجود الله في العالم. إنّ كلمة الله هي طريقة الله في إعلان وجوده الإلهي في العالم.
دخلت كلمة/حكمة الله الحيّة الأزلية الأبديّة تاريخ البشرية الزمني بتجسده من مريم العذراء والروح القدس لله الحيّ. كلمة/حكمة الله الحيّة الأزلية الأبديّة إتّحدت بالطبيعة البشرية في شخص يسوع المسيح، بدون إختلاط ولا تغيير للطبيعتين. هذا يعني أنّ يسوع المسيح، الشخص الإلهي البشري، إله كامل وإنسان كامل في نفس الوقت. لذا، يشكّل جسرا بين الله الانهائي الغير محدود والإنسان المحدود، وهو الوحيد المؤهل بشكل فريد أن يكون الوسيط المثالي بين الله والإنسان (عبرانيين 8: 6؛ 12: 24؛ تيموثاؤس الأولى 2: 5؛ الخ). بشريته تشبهنا في كلّ شيء فيما عدا الخطية، لأنه بغير خطية: "بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ" (العبرانيين 4: 15 b). وُلِد المسيح لإمرأة (غلاطية 4: 4) في جسد بشري نما تدريجيا (لوقا 2: 52). كان معرضا للجوع (لوقا 4: 2)، والعطش (يوحنا 19: 28)، والتعب (يوحنا 4: 6)، والشفقة (لوقا 19: 41)، والموت الجسدي وآلام الصليب (لوقا 23: 46) في طبيعته البشرية المتحدة مع الطبيعة الإلهية بدون امتزاج. لم تتأثر الطبيعة الإلهية بهذه الأشياء. صلاة المسيح إلى الله الآب هي تعبير عن طبيعته البشرية المتحدة بطبيعته الإلهية.
تجسد كلمة الله الأزلي (الابن) في وقت ومكان معين لم يقلل أو ينقص أو يحصر الله بأي شكل من الأشكال. لم يكن محدودًا بجسده البشري، ولم يخلو الكون من وجوده. يشبه هذا ظهور الله لموسى في الشجرة المشتعلة بالنار دون أن يكون غائبًا عن الكون (خروج 3: 2-6؛ القصص 28: 29-30؛ طه 20: 9-14؛ النمل 27: 7-9). لقد استمر أن يكون الله الابن القدير. لم يصير الأنسان الله. إنما أخذ الله الطبيعة البشرية إلى جانب طبيعته الإلهية دون أن يكف عن ألوهيته. إتحدت الطبيعة الإلهية بالطبيعة البشرية بدون خلط وتغيير أي من الطبيعتين في الشخص الواحد للسيد المسيح. لم تنخفض ولم تضعف الطبيعة الإلهية، ولم تتحول وترتقى الطبيعة الإنسانية. الله القدير قادر أن يظهر هو شخص السيد المسيح بدون تقليل أو تلطيخ ألوهيته. "... عِنْدَ اللَّهِ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ " (متى 19: 26). "...عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ..." (تِيمُوثَاوُسَ الأُولَى 3: 16).
الله بلا حدود في وجوده ومعرفته وقوته. ومع ذلك، قد يختار أن يُظهر ذاته بطريقة محدودة بزمان ومكان من أجل خير البشرية. هذا التعبير الإلهي لا ينقص ألوهيته بأي شكل من الأشكال. كل الوحي الإلهي للأنبياء والملائكة يتضمن الإخلاء الطوعي لذات الله الذي يرتفع فوق حدود فهم الأنسان. هذا أمر ضروري حتى يتواصل مع مخلوقاته في نطاقها المحدود. وبذلك يصبح من الممكن إعلان كلمته الأبدية في حدود لغات الإنسان وعقله، والحفاظ عليها في كتب مصنوعة بيد الإنسان.
حدث أعظم إخلاء الذات عندما اختار كلمة (ابن) الله أن يُخلى ذاته طوعا من استخدام والتعبير عن مجده الإلهي الأزلي الأبدي، ويصير خادما لإنقاذ العالم بتجسده وفدائه. تعلن هذا بوضوح "ترنيمة المسيح" التي انتشرت في نهاية الثلاثينات م.: "فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هَذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضاً: الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ. لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذَلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضاً، وَأَعْطَاهُ اسْماً فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ ..." (فيلبي 2: 5-11؛ كُورِنْثُوس الثَّانِيَةُ 8: 9). إخلاء ذاته هذا واتضاعه استمر من الحبل به إلى آخر لحظة له في قبره. أدين وحُكم عليه بالصلب لأنه ادعى انه الله (يوحنا 10: 33). وكانت قيامته من الأموات شهادة إلهية بحقيقة ادعائه. "(المسيح) الَّذِي صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ وَتَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا" (رومية 1: 3-4). وقد استأنف تمجيده بقيامته من الأموات وسوف يستمر إلى الأبد.
الذي تعرض للآلام فيه هو طبيعته البشرية المتحدة مع الطبيعة الإلهية بدون إمتزاج. إذ أن الطبيعة الإلهية ليست معرضة للآلام والموت الجسدي. يشبه هذا تشويه قضيب حديدي ساخن بطرقِه. بينما يعاني القضيب الحديدي، الذي يمثل الطبيعة البشرية، من التشويه؛ النار بداخل القضيب الحديدي، التي تمثل الطبيعة الإلهية، لا تتأثر إطلاقا بالطرق وتبقى سليمة صحيحة. وأيضا، يشبه هذا زهرية زجاجية فارغة مليئة بالهواء فقط. تمثل الزهرية الطبيعة البشرية. يمثل الهواء الطبيعة الإلهية. الهواء داخل الزهرية له شكل. لكنه مطابق للهواء خارج الزهرية. إذا حطمنا الزهرية بالحائط إلى ألف قطعة، لا يتأثر هوائها على الإطلاق إلا أنه يفقد شكله.
عندما رقد السيد المسيح في المهد وعندما مات على الصليب، استمر به ملء اللاهوت (كولوسي 2: 9)، وبه استمرت جميع الأشياء تقوم (كولوسي 1: 17). حجب بعض السمات الإلهية لا يعني فقدان الطبيعة الإلهية. مارس السمات الإلهية من القداسة والمحبة والرحمة والعدالة أثناء تبشيره على الأرض. لكنه مارس السمات الإلهية للقدرة الغير محدودة والمعرفة الكاملة فقط عند الحاجة لدعم رسالته. تطلبت رسالة السيد المسيح (ابن الله) في مجيئه الأول حجب وعدم ممارسة بعض سماته الإلهية جزئيا مؤقتا حتى ينجز رسالته بالكامل بآلامه وموته لخلاص الإنسان (فيلبي 2: 5-8).
إتحاد الطبيعة البشرية والطبيعة الإلهية بدون اختلاط وبدون امتزاج في شخص المسيح الواحد هو أمر ليس له مثيل كامل في العالم المرئي المخلوق (كولوسي 2: 2). أقرب تشبيه له هو اتحاد الروح البشرية مع الجسد البشري في الإنسان الواحد. كل من الطبيعة الإلهية والبشرية تؤدي الوظائف الخاصة بها بالتواصل مع الأخرى في شخص المسيح الواحد. تألقت الطبيعة الإلهية وأضاءت الطبيعة البشرية للسيد المسيح وقدستها. إنها قد أعطت يسوع مواهب فوق العادة كافية لنجاح مهمته الخلاصية على الارض. لقد احتفظت الطبيعة البشرية بخواصها بعد اتحاد الطبيعتين، مثلما يبقى الحديد الملتهب حديدا بعد تسخينه بالنار مرارا. للسكين الملتهب عمليتين: قطع وحرق. على الرغم من أنه يمكن تمييز هاتين العمليتين، إنهما غير قابلتين للفصل وللتجزئة. يشبه هذا نشاط الطبيعتين في السيد المسيح الذي يمثله السكين.
"فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ. هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللَّهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ. كَانَ فِي الْعَالَمِ وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ. إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً" (يوحنا 1: 1-5، 10، 14).
ككلمة مولودة من الفمّ، الإبن الأزلي الأبدي مولود من الله الآبّ الأزلي الأبدي قبل كلّ الدهور. مصادر الوقت ليست خاضعة للوقت. يسمو الله فوق الزمن. كلمة/حكمة الله الحيّة هو شخص متميّز، ليس فقط كلمة منطوقة من الله (يوحنا 1: 1). رغم ذلك، هو كائن واحد مع الله. كلمة/حكمة الله الأبديّة تتحدث كشخص:
"اَلرَّبُّ قَنَانِي أَوَّلَ طَرِيقِهِ مِنْ قَبْلِ أَعْمَالِهِ مُنْذُ الْقِدَمِ. مُنْذُ الأَزَلِ مُسِحْتُ مُنْذُ الْبَدْءِ مُنْذُ أَوَائِلِ الأَرْضِ. لَمَّا وَضَعَ لِلْبَحْرِ حَدَّهُ فَلاَ تَتَعَدَّى الْمِيَاهُ تُخْمَهُ لَمَّا رَسَمَ أُسُسَ الأَرْضِ كُنْتُ عِنْدَهُ صَانِعاً وَكُنْتُ كُلَّ يَوْمٍ لَذَّتَهُ فَرِحَةً دَائِماً قُدَّامَهُ" (أمثال 8: 22-23, 29-30 ؛ 1 كورنثوس 1: 24).
أعلن يسوع لتلاميذه سرا أنه ابن الله المتجسد (متى 16: 16-20؛ يوحنا 4: 26). لكنه اختار تأجيل إعلان ألوهيته على الملأ جهارا حتى وقت لاحق في تبشيره لأن الإعلان عن ذلك قبل الأوان من شأنه أن يعرقل رسالته الرئيسية في مجيئه الأول (فداء الإنسانية)، التي أنجزها على الصليب. وأخيرا، أعلن هويته جهارا وبشكل قاطع في محاكمته أمام مجلس اليهود الأعلى (السنهدرين) (مرقس 14: 62؛ متى 26: 63-64).
يعلّم الكتاب المقدس أن الله روح: "اَللَّهُ رُوحٌ" (يوحنا 4: 24 a). ليس للروح مقدرة جنسية تناسُلية. الوظيفة الجنسية مرتبطة بالجسد المادي لأعضاء المملكة الحيوانية. لذلك، بنوة السيد المسيح لله الأبّ هى بنوة روحية فريدة في نوعها: "كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الاِبْنَ إِلاَّ الآبُ وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الاِبْنُ وَمَنْ أَرَادَ الاِبْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ" (متى 11: 27). هي ليست بنوة جسدية كما قد يعتقد البعض خطآ. الله الآبّ لم يأخذ مريم زوجة له لينجب يسوع منها. لقد كانت مريم عذراءا عندما حبلت بيسوع بقوة الروح القدس للإله الواحد الحي: "فَأَجَابَ الْمَلاَكُ (العذراء مريم): اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ" (لُوقَا 1: 35). كان المسيح موجودا منذ الأزل قبل مريم. "قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: ﭐلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ" (يوحنا 8: 58). يسوع المسيح، إبن الله، هو كلمة/حكمة الله الآب الحيّة الأزلية الأبديّة المُشخّصة.
إختار الله أن ينزل للبشر مدفوعا بمحبّته الإلهية الغير محدودة لخليقته، التي تفوق الفهم البشري: "لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يوحنا 3: 16)؛ "فِي هَذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا" (1 يوحنا 4: 10).
(ب) لاهوت يسوع المسيح
(عودة إلى قائمة المحتويات)
لاهوت السيد المسيح هو من أسس الإيمان المسيحي منذ بداية المسيحية. أقدم عظة مسيحية، وأقدم تقرير عن موت شهيد مسيحي، وأقدم تقرير وثني عن الكنيسة، وأقدم صلاة طقسية مسيحية (كورنثوس الأولى 16: 22؛ فيلبي 2: 6-11) يشيروا إلى يسوع كرب وإله. من الواضح أن لاهوت السيد المسيح كان رسالة الكنيسة وعقيدتها منذ بداية العصر المسيحي. إنّ المؤمن المسيحي هو الذي يقبل يسوع المسيح ويعترف به كربه (كولوسي 2: 6). يعبر قانون الإيمان النيقي القديم عي هذا الإيمان:
"باحقيقة نؤمن بإله واحد، ألله الآب، ضابط الكل، خالق السماء والأرض، ما يُرى وما لا يُرى. نؤمن برب واحد يسوع المسيح، إبن الله الوحيد، المولود من الآبّ قبل كلّ الدهور؛ نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساو للآب في الجوهر، الذي به كان كلّ شئ. هذا الذي من أجلنا نحن البشر، ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء، وتجسّد من الروح القدس. ومن مريم العذراء تأنس"
الحياة النقية الطاهرة، وتعليم، ومعجزات، وقيامة يسوع تبيّن أنّ له طبيعة إلهية متحدة بطبيعته البشرية المرئية بدون إختلاط. دعا الله الآب يسوع المسيح ابنه الأزلي الأبدي: "وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: «أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ بِكَ سُرِرْتُ!»" (لوقا 3: 22 b؛ 9: 35؛ يوحنا 4: 25-26؛ 11: 27؛ مَتَّى 3: 17؛ 17: 5؛ مَرْقُسَ 1: 11؛ 9: 7). حقق تجسده وولادته البتولية نبوءات العهد القديم (التوراة؛ إلخ) عن المجئ الأول للمسيح: "هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ ﭐلَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللَّهُ مَعَنَا" (مَتَّى 1: 23؛ إشعياء 7: 14 b). جذور مفهوم لاهوت السيد المسيح مؤسسة في نبوءات العهد القديم (التوراة؛ إلخ) عن المسيح المنتظر: "لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْناً وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيباً مُشِيراً إِلَهاً قَدِيراً أَباً أَبَدِيّاً رَئِيسَ السَّلاَمِ" (إشعياء 9: 6؛ دانيال 7: 13-14).
هناك الكثير من الحجج التي تثبت لاهوت السيد المسيح. الكثير من هذه الحجج تأصل في القرون الأولى للمسيحية.
(1) الكتاب المقدس يُؤكّد لاهوت السيد المسيح
أ. فَعَل يسوع المسيح أعمال الله:
(عودة إلى قائمة المحتويات)
قام السيد المسيح بأعمال ومعجزات لا يستطيع عملها إلا الله وحده: "إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي فلاَ تُؤْمِنُوا بِي. وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَعْمَلُ فَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِي فَآمِنُوا بِالأَعْمَالِ لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا أَنَّ الآبَ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ" (يوحنا 10: 37-38؛ 5: 20). كانت لديه القوى الإلهية التي لله الكلي القدرة وحده. عمل السيد المسيح كثيرا من المعجزات. شفى المرضى؛ أخرج الشياطين؛ أطعم الجياع؛ أقام الموتى؛ وهدّأ الطبيعة العنيفة. أظهر السيد المسيح قوات فريدة لم تكن لأي نبي قبله. قبل القيام ببعض معجزاته، قدم يسوع صلاة الشكر إلى الله الآب تعبيرا عن بشريته. في كلّ معجزاته، أمر السيد المسيح المعجزة في الشخص الأول مستخدما قوّته الذاتية. على سبيل المثال، هو لم يقل إلى رجل ميت: "إنني أصلّي إلى الله لعله يقيمك." بدلا من ذلك، قال: "لِعَازَرُ، هَلُمَّ خَارِجاً" (يوحنا 11: 43 b). ما استخدم يسوع قوته الإلهية لايذاء أو لتدمير أي شخص، أو لمنفعته الشخصية. أعماله لم تؤدي إلى عجائب بلا معنى عديمة الفائدة. تثبت معجزاته موافقة الله على ادعاءاته المتعلقة بألوهيته. أنها تؤكد حقيقة ادعاءاته الفريدة ببنوته الأزلية الأبدية لله الآب.
فعل السيد المسيح معجزاته علنا حتى يراها الناس ويؤمنوا. لقد فعل السيد المسيح معجزات أكثر جدا من معجزات أي نبي في تاريخ البشرية جمعاء. فعل معجزاته بسهولة بمجرد أوامر مباشرة شفوية. يخبرنا الإنجيل أن السيد المسيح فعل أكثر من 900-1000 معجزة. شاهد تلك المعجزات حوالي 15,000 شخص. بالإضافة إلى هذا، حوالي 86,000 من أصدقاء وأقارب المرضى الذين شفاهم السيد المسيح كان في إمكانهم التأكيد أن ألئك الأشخاص كانوا مرضى ثم أصبحوا أصحاءا. يعني هذا أن حوالي واحد من كل عشرين شخص ممن عاشوا في فلسطين في ذلك الوقت إما رأى معجزة، أو عرف مريضا قد حصل على الشفاء. يخبرنا الإنجيل فقط بجزء قليل من هذه المعجزات التي تمثل قوات السيد المسيح المختلفة. "وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ" (يُوحَنَّا 20: 30، 31؛ 21: 25). نعطي في التالي عينات من هذه المعجزات والقوّات.
1. قدرة على خلق مادة جديدة
معجزات تكثير أرغفة قليلة من الخبز وقليل من الأسماك لإطعام آلاف من الناس الجياع ثم جمع كثير من الفضلات في سلال بعد أن شبعوا هى معجزات خلق مادة جديدة (لوقا 9: 11-17؛ متى 15: 32-39).
خلق بسوع عينان لرجل مولود أعمى (يوحنا 9). وُلِد هذا الرجل بدون مُقل العيون. خلق يسوع فيه مقلتي عينين جديدتين من الطين الذي دهن به محاجر عيني الرجل الأعمى. تُذكّرنا هذه المعجزة بخلق الله لآدم من طين الأرض (تكوين 2: 7).
2. قوة إقامة الموتى
(عودة إلى قائمة المحتويات)
نعرف ثلاثة معجزات لإقامة الموتى (لوقا 8: 41-42، 49-56؛ 7: 12-15؛ يوحنا 11: 1-44). كانت أقوى هذه المعجزات هي معجزة إقامة لعازر من الموت بعد موته بأربعة أيام بعد أن بدأت جثّته تتعفن في قبره (يوحنا 11: 1-44). قال يسوع: "يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللَّهِ وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ. لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ كَذَلِكَ أَعْطَى الاِبْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ" (يوحنا 5: 25-26, 21). السيد المسيح هو الوحيد الذي أقام رجلا ميتا إلى الحياة بعد أربعة أيام في القبر. جثّة الرجل الميت كانت في حالة تعفن. لم يفعل أي من أنبياء الكتاب المقدس بأكمله معجزة مشابهة، ولو أنّ بعضهم أقاموا موتى بعد فترة قليلة من موتهم (1 ملوك 17: 17-24؛ 2 ملوك 4: 18-37).
3. سلطان على قوى الطبيعة
إنتهر يسوع الريح العاصفة والبحر الهائج، فأطاعوه (متى 8: 23-27؛ مرقس 4: 36-41؛ لوقا 8: 22-25). كان قادرا على أمر قوى الطبيعة فأطاعوه! بالإضافة إلى هذا، مشى يسوع على البحر الهائج كأنّه ماشيا على اليابسة (مرقس 6: 45-52).
4. سلطان لوضع نفسه وأخذِها
(عودة إلى قائمة المحتويات)
وضع يسوع المسيح حياته الجسدية وأطلق روحه بإرادته عندما مات على الصليب. بعد ذلك، أخذها بإرادته عندما قام من الموت: "لِهَذَا يُحِبُّنِي الآبُ لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لِآخُذَهَا أَيْضاً. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضاً. هَذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي" (يوحنا 10: 17-18).
قيامة يسوع من بين الأموات هو حدث فريد من نوعه في تاريخ الأنبياء. ليس للموت سلطان عليه بعد قيامته التي تميزه عن كافة الأنبياء الآخرين الذين لم يقيمهم الله من الأموات. بقيامة يسوع من الأموات، أعلن الله أنه قد قبل الكفارة التي قدمها يسوع على الصليب. كما أن قيامة يسوع تثبت أن الله قد وافق على إعلان يسوع بأنه ابن الله المتجسد. يسوع المسيح "تَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا" (رومية 1: 4). قيامة يسوع من بين الأموات أكدت قطعيا ألوهيته.
5. قوّة شِفاء المرضى
شفى يسوع كثيرا من الناس المصابين بأمراض مختلفة. شفى الأبرص (لوقا 5: 12-15؛ 17: 11-19)، والمفلوج (لوقا 5: 16-26)، والمشلولين (متى 8: 5-13)، والعُمي (متى 9: 27-31)، وإمرأة نازفة (لوقا 8: 43-48)، وأخارين مصابين بأمراض أخرى:
"فَجَاءَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ مَعَهُمْ عُرْجٌ وَعُمْيٌ وَخُرْسٌ وَشُلٌّ وَآخَرُونَ كَثِيرُونَ وَطَرَحُوهُمْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ. فَشَفَاهُمْ حَتَّى تَعَجَّبَ الْجُمُوعُ إِذْ رَأَوُا الْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ وَالشُّلَّ يَصِحُّونَ وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ وَالْعُمْيَ يُبْصِرُونَ. وَمَجَّدُوا إِلَهَ إِسْرَائِيلَ" (متى 15: 30-31؛ مرقس 1: 32-34؛ 7: 24-30، 53-56؛ الخ).
6. سلطان على القوى الشيطانية
(عودة إلى قائمة المحتويات)
أطلق وحرّر يسوع كثيرا من الناس من القوى الشيطانية التي إمتلكتهم وعذّبتهم. عرفت الشياطين أنّه المسيح، خافته، وأطاعت أوامره (لوقا 4: 33-36، 41؛ 8: 26-39؛ مرقس 9: 17-29؛ متى 8: 16، 28-34؛ 9: 32-33؛ 12: 22-23).
"وَسَارُوا إِلَى كُورَةِ الْجَدَرِيِّينَ الَّتِي هِيَ مُقَابِلَ الْجَلِيلِ. وَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الأَرْضِ اسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ فِيهِ شَيَاطِينُ مُنْذُ زَمَانٍ طَوِيلٍ وَكَانَ لاَ يَلْبَسُ ثَوْباً وَلاَ يُقِيمُ فِي بَيْتٍ بَلْ فِي الْقُبُورِ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ صَرَخَ وَخَرَّ لَهُ وَقَالَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «مَا لِي وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللهِ الْعَلِيِّ! أَطْلُبُ مِنْكَ أَنْ لاَ تُعَذِّبَنِي». لأَنَّهُ أَمَرَ الرُّوحَ النَّجِسَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الإِنْسَانِ. لأَنَّهُ مُنْذُ زَمَانٍ كَثِيرٍ كَانَ يَخْطَفُهُ وَقَدْ رُبِطَ بِسَلاَسِلٍ وَقُيُودٍ مَحْرُوساً وَكَانَ يَقْطَعُ الرُّبُطَ وَيُسَاقُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَى الْبَرَارِي. فَسَأَلَهُ يَسُوعُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «لَجِئُونُ». لأَنَّ شَيَاطِينَ كَثِيرَةً دَخَلَتْ فِيهِ. وَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ لاَ يَأْمُرَهُمْ بِالذَّهَابِ إِلَى الْهَاوِيَةِ. وَكَانَ هُنَاكَ قَطِيعُ خَنَازِيرَ كَثِيرَةٍ تَرْعَى فِي الْجَبَلِ فَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَأْذِنَ لَهُمْ بِالدُّخُولِ فِيهَا فَأَذِنَ لَهُمْ. فَخَرَجَتِ الشَّيَاطِينُ مِنَ الإِنْسَانِ وَدَخَلَتْ فِي الْخَنَازِيرِ فَانْدَفَعَ الْقَطِيعُ مِنْ عَلَى الْجُرْفِ إِلَى الْبُحَيْرَةِ وَاخْتَنَقَ. فَلَمَّا رَأَى الرُّعَاةُ مَا كَانَ هَرَبُوا وَذَهَبُوا وَأَخْبَرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَفِي الضِّيَاعِ فَخَرَجُوا لِيَرَوْا مَا جَرَى. وَجَاءُوا إِلَى يَسُوعَ فَوَجَدُوا الإِنْسَانَ الَّذِي كَانَتِ الشَّيَاطِينُ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهُ لاَبِساً وَعَاقِلاً جَالِساً عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ فَخَافُوا" (لوقا 8: 26-35).
عندما إتهمه البعض بأنه يخرج الشياطين بِبَعْلَزَبُولَ، رئيس الشياطين، أعلن لهم أنه قد أخرج الشياطين بقوة الله الحي: "فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ. فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَانَ فَقَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ. فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟ وَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذَلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ! وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللَّهِ! أَمْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْقَوِيِّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلاً وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ؟" (متى 12: 25-29؛ لوقا 11: 17-23). في الواقع، إرتعبت الشياطين من السيد المسيح. إذ خافوا أن يرسلهم إلى العذاب الأبدي قبل الوقت (متى 8: 29).
7. سلطان لمغفرة الخطايا
وهب يسوع الشفاء الجسدي والشفاء الروحي لكثيرين. تم الشفاء الروحي بشكل رئيسي بغفران خطايا الشخص:
"وَإِذَا بِرِجَالٍ يَحْمِلُونَ عَلَى فِرَاشٍ إِنْسَاناً مَفْلُوجاً وَكَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَدْخُلُوا بِهِ وَيَضَعُوهُ أَمَامَهُ. وَلَمَّا لَمْ يَجِدُوا مِنْ أَيْنَ يَدْخُلُونَ بِهِ لِسَبَبِ الْجَمْعِ صَعِدُوا عَلَى السَّطْحِ وَدَلَّوْهُ مَعَ الْفِرَاشِ مِنْ بَيْنِ الأَجُرِّ إِلَى الْوَسَطِ قُدَّامَ يَسُوعَ. فَلَمَّا رَأَى إِيمَانَهُمْ قَالَ لَهُ: «أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ». فَابْتَدَأَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ يُفَكِّرُونَ قَائِلِينَ: «مَنْ هَذَا الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ؟» فَشَعَرَ يَسُوعُ بِأَفْكَارِهِمْ وَقَالَ لَهُمْ: «مَاذَا تُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِكُمْ؟ أَيُّمَا أَيْسَرُ: أَنْ يُقَالَ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ أَمْ أَنْ يُقَالَ قُمْ وَامْشِ. وَلَكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لاِبْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَاناً عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا» - قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «لَكَ أَقُولُ قُمْ وَاحْمِلْ فِرَاشَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ» فَفِي الْحَالِ قَامَ أَمَامَهُمْ وَحَمَلَ مَا كَانَ مُضْطَجِعاً عَلَيْهِ وَمَضَى إِلَى بَيْتِهِ وَهُوَ يُمَجِّدُ اللهَ " (لوقا 5: 18-25؛ 7: 36-50؛ يوحنا 8: 1-11).
شفى يسوع الرجل المفلوج، لكنه فعل ذلك بعد أن غفر خطاياه. أثبت هذا أن يسوع لديه سلطان غفران الخطايا كما أعلن، لأنه إذا كان قد إرتكب تجديفا، لما استطاع أن يشفي الرجل المفلوج.
ب. ألألقاب الإلهية تُنسب إلى السيد المسيح
(عودة إلى قائمة المحتويات)
السيد المسيح هو كلمة/حكمة الله، الذي هو الله الإبن: "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ. وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً" (يوحنا 1: 1، 14)؛ "عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ" (1 تيموثاوس 3: 16). يُعلّم إنجيل متى الرسول أن السيد المسيح هو "عِمَّانُوئِيلَ الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللَّهُ مَعَنَا" (متى 1: 23 b). السيد المسيح هو إبن الله الوحيد: "اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ" (يوحنا 1: 18؛ متى 14: 33). هو رب المجد (يعقوب 2: 1). هو ملك الملوك ورب الأرباب (رؤيا 19: 16). هو إبن الله: "(ألله)كَلَّمَنَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ - الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثاً لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضاً عَمِلَ الْعَالَمِينَ. الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيراً لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي" (العبرانيين 1: 2-3). الله الآب يدعو السيد المسيح إلها: "كُرْسِيُّكَ يَا أَللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ" (العبرانيين 1: 8a ). أنعم الله عليه باسمه (يوحنا 17: 11-12؛ 8: 24، 28، 58-59؛ متى 17: 1-5؛ 16: 13-19). تحدث يسوع عن الله كأبيه أكثر من مائة مرة في إنجيل يوحنا.
لم يحتجّ يسوع عندما نُسبت إليه القاب الله. دعاه توما الرسول وتلاميذ آخرون الله وعبدوه: "أَجَابَ تُومَا: «رَبِّي وَإِلَهِي»" (يوحنا 20: 28؛ تيطس 2: 13؛ متى 28: 9؛ 16: 15-17؛ رومية 9: 5؛ بُطْرُسَ الثَّانِيَةُ 1: 1). قال السيد المسيح: "صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا" (يوحنا 14: 11، 9)؛ "أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ" (يوحنا 10: 30)؛ "لِكَيْ يُكْرِمَ الْجَمِيعُ الاِبْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ الآبَ. مَنْ لاَ يُكْرِمُ الاِبْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ" (يوحنا 5: 23). فهم اليهود إدّعاءاته بالاهوت، ولذلك أرادوا قتله (يوحنا 5: 18؛ 10: 31-33؛ 19: 7). عندما سأل رئيس الكهنة اليهودي يسوع إذا كان هو السيد المسيح، إبن الله، أجابه يسوع إيجابيا. إتّهمه رئيس الكهنة بالتجديف، لأن لقب "إبن الله" يجعله مساويا لله الآب (متى 26: 63-65؛ مرقس 14: 61-64؛ يوحنا 10: 25-39).
ج. الصفات الإلهية
الخاصة بالله وحده تُنسب إلى السيد المسيح
(عودة إلى قائمة المحتويات)
الخواص التي تُنسب لله وحده، تُنسب أيضا ليسوع المسيح: "فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيّاً" (كولوسي 2: 9). "...الْمَسِيحُ الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلَهاً مُبَارَكاً إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ" (رومية 9: 5؛ يوحنا الأولى 5: 20؛ مرقس 9: 7؛ متى 17: 5؛ إلخ). ألآتي هو ملخص خذه الخواص الإلهية الرئيسية:
1. موجود منذ الأزل:
"قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «ألْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ»" (يوحنا 8: 58)؛ "وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ" (يوحنا 17: 5؛ 1: 1)؛ "(المسيح) اَلَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ الْكُلُّ" (كولوسي 1: 17)؛ "أَنَا (المسيح) الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ" (رؤيا 22: 13؛ 1: 8؛ 21: 6؛ ميخا 5: 2؛ أمثال 8: 23؛ إلخ).2. كائن غير مخلوق مُنجز الخليقة:
"(المسيح) اَلَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ. فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى،..." (كولوسي 1: 15-19؛ يوحنا 1: 1-4؛ عبرانيين 1: 3؛ ميخا 5: 2؛ تيموثاؤس الأولى 1: 17). خلق الله ألآب الكون بكلمته (المسيح) قبل تجسده. "كَلَّمَنَا (الله الآب) فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ - الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثاً لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضاً عَمِلَ الْعَالَمِينَ" (العبرانيين 1: 2؛ كورنثوس الأولى 8: 6؛ إلخ).3. كائن لا يتغير:
"يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ" (العبرانيين 13: 8).4. المقدرة والقوة الكلية:
معجزات يسوع المسيح تُثبت قوته التي لا مثيل لها (متى 28: 18؛ يوحنا 5: 21؛ فيلبي 3: 21؛ كولوسي 1: 16؛ العبرانيين 1: 3).5. المعرفة الكلية:
عرف يسوع المسيح عقل وقلب الشخص: "هَلُمُّوا انْظُرُوا إِنْسَاناً قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ. أَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمَسِيحُ؟" (يوحنا 4: 29؛ أَعْمَالِ الرُّسُلِ 1: 24)؛ "لأَنَّ يَسُوعَ مِنَ الْبَدْءِ عَلِمَ مَنْ هُمُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُهُ" (يوحنا 6: 64 b؛ 2: 25؛ 11: 11-14؛ لوقا 6: 8؛ إلخ). هو الذي يفتّش العقول والقلوب (رؤيا 2: 23).6. كلية الوجود:
يوجد إبن الله الأبدي في كل مكان: "وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ إبْنُ الإِنْسَانِ (المسيح) الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ" (يوحنا 3: 13). وعد المسيح: "وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ" (متى 28: 20 b)؛ "لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ" (متى 18: 20).7. السيادة:
أعطى الله الآب يسوع المسيح كلّ سلطة، بما في ذلك قيامة ودينونة الأموات: "فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ" (متى 28: 18؛ يوحنا 3: 35؛ 13: 3؛ العبرانيين 1: 2؛ إلخ)؛ "لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَداً بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلاِبْنِ" (يوحنا 5: 22، 28-29؛ متى 7: 21-23)؛ "... وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الْعَتِيدِ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ، عِنْدَ ظُهُورِهِ وَمَلَكُوتِهِ" (تيموثاؤس الثانية 4: 1؛ أعمال 10: 42؛ 17: 31). هو حاكم ملوك الأرض: "وَمَلاَئِكَةٌ وَسَلاَطِينُ وَقُوَّاتٌ مُخْضَعَةٌ لَهُ" (بطرس الأولى 3: 22 b؛ رؤيا 1: 5). هو رب الأرباب وملك الملوك (رؤيا 17: 14؛ 19: 16)، وهو رب السبت أيضا (مرقس 2: 28).8. قدسية يسوع المسيح:
"( المسيح) قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ" (العبرانيين 7: 26 b؛ يوحنا 8: 46؛ أعمال 3: 14).9. المحبّة الإلهية:
"وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اَللهِ " (أفسس 3: 19).
د. عبادة يسوع المسيح كألله
(عودة إلى قائمة المحتويات)
أحد الأسس الرئيسية للإيمان المسيحي أنّ يسوع المسيح هو الرب (رومية 10: 9). في كل تاريخ المسيحية، عبد المسيحيّون المسيح القائم من الأموات العبادة التي تُقدم لله فقط: "لِكَيْ يُكْرِمَ الْجَمِيعُ الاِبْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ الآبَ. مَنْ لاَ يُكْرِمُ الاِبْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ" (يوحنا 5: 23)؛ "فَكَانُوا يَرْجُمُونَ اسْتِفَانُوسَ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ: «أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ اقْبَلْ رُوحِي»" (أعمال 7: 59). تلقى السيد المسيح عبادة كألله في مناسبات عديدة: "أَجَابَ تُومَا: «رَبِّي وَإِلَهِي»" (يوحنا 20: 28؛ 9: 38؛ متى 2: 11؛ 8: 2؛ 9: 18؛ 14: 33؛ 15: 25؛ 28: 9، 17؛ لوقا 24: 52، بطرس الثانية 3: 18؛ الخ). في الواقع، حتى الملائكة تعبد المسيح: "لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ" (فيلبي 2: 10-11؛ عبرانيين 1: 6؛ بطرس الأولى 3: 22؛ رؤيا 5: 13). لم يرفض السيد المسيح أبدا العبادة المقدمة إليه على الرغم من انه علم دائما أن العبادة لله وحده فقط.
ه. المساواة الإلهية تُنسب إلى السيد المسيح
يعلّمنا الكتاب المقدس أنّ السيد المسيح مساوي في اللاهوت لله الآبّ: "فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ" (متى 28: 19)؛ "وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلَهاً مُبَارَكاً إِلَى الأَبَدِ" (رومية 9: 5 b)؛ "نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ اللهِ (الآب)، وَشَرِكَةُ الرُّوحِ الْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ" (2 كورنثوس 13: 14)؛ "فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيّاً" (كولوسي 2: 9). يجلس المسيح عن يمين الله الآب (المكان المفضل): (مرقس 14: 61-62؛ العبرانيين 8: 1-2). يشارك السيد المسيح الله الآب في العرش الإلهي، ويملك معه إلى الأبد (أَعْمَالِ الرُّسُلِ 10: 42؛ رؤيا 11: 15؛ 22: 1-3؛ أفسس 1: 19-23). المسيح هو الديان في يوم القيامة (يوحنا 5: 22؛ متى 16: 27؛ 25: 31-34؛ كورنثوس الثانية 5: 10). على الرغم من أن الله الآب والله الابن (المسيح) متساوون في الجوهر الإلهي الواحد الغير منقسم، إلا أن الآب أرفع من الابن في المركز (يوحنا 14: 28).
قول السيد المسيح أبدي مثل قول الله تعالى: "اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلَكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ" (متى 24: 35).
(2) حقائق تأريخية تُؤيّد لاهوت يسوع المسيح
أ. إنتصار المسيحية في قرونها الأولى على الإضطهادت الوحشية
(عودة إلى قائمة المحتويات)
كلّ الرسل الذين أرسلهم السيد المسيح لتبشير العالم عُذّبوا واستشهدوا، ماعدا واحد فقط هو القديس يوحنا الرسول الذي مات طبيعيا. ثبت جميعهم في شهادتهم عن لاهوت السيد المسيح إلى النهاية. أعطوا حياتهم في سبيل إيمانهم لأنّهم إعتقدوا وعلموا أنه صادق حتى النفس الأخير (أعمال الرسل 5: 38-39).
رغم الإضطهاد الروماني الدامي الوحشي للمسيحية في قرونها الثلاثة الأولى، لم تضعف وتنقرض؛ بل إستمرت وانتشرت في الكثير من مناطق العالم؛ ثم أصبحت في النهاية دين الإمبراطورية الرومانية الرسمي، مُضطهِدها الأعظم. مئات الآلاف من المسيحيين عُذّبوا واستشهدوا لاعترافهم بإيمانهم في السيد المسيح في القرون الثلاثة الأولى من العصر المسيحي. رغم ذلك، إنتشر الإيمان المسيحي ونما في القوة. التعليل الوحيد المقنع الكافي لهذا أن قوّة الله الحيّ في المسيح أحبطت وتغلّبت على أقوى إمبراطورية وُجِدت على وجه الأرض، وهي الإمبراطورية الرومانية، بدون إستخدام جيوش هائلة: "لاَ بِـالْقُدْرَةِ وَلاَ بِـالْقُوَّةِ بَلْ بِرُوحِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ" (زكريا 4: 6 b).
ب. أكّد دمار معبد القدس تأسيس العهد الجديد
(عودة إلى قائمة المحتويات)
تنبّأ السيد المسيح عن دمار مدينة القدس القديمة ومعبدها اليهودي:
"وَفِيمَا هُوَ يَقْتَرِبُ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَكَى عَلَيْهَا قَائِلاً: «إِنَّكِ لَوْ عَلِمْتِ أَنْتِ أَيْضاً حَتَّى فِي يَوْمِكِ هَذَا مَا هُوَ لِسَلاَمِكِ. وَلَكِنِ الآنَ قَدْ أُخْفِيَ عَنْ عَيْنَيْكِ. فَإِنَّهُ سَتَأْتِي أَيَّامٌ وَيُحِيطُ بِكِ أَعْدَاؤُكِ بِمِتْرَسَةٍ وَيُحْدِقُونَ بِكِ وَيُحَاصِرُونَكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَيَهْدِمُونَكِ وَبَنِيكِ فِيكِ وَلاَ يَتْرُكُونَ فِيكِ حَجَراً عَلَى حَجَرٍ لأَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي زَمَانَ افْتِقَادِكِ»" (لوقا 19: 41-44؛ 13: 34-35؛ 21: 20-24؛ متى 23: 37-38).
تحققت هذه النبوءة حرفيا بالدمار الشامل لمدينة القدس ومعبدها اليهودي في سنة 70 بعد الميلاد بواسطة الرومان في جحيم دموي لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية. تم هدم المدينة والمعبد اليهودي بالكامل كما تنبّأ السيد المسيح (لوقا 19: 44). الجزء الأكبر من السكان اليهود، الذي لم يُقتل في الحرب اليهودية الدامية سنة 66-70 بعد الميلاد وفي تمرّد بار كوبا في سنة 132-135 بعد الميلاد، تم بيعه في العبودية. وبذلك تحقق الجزء الثاني من نبوءة السيد المسيح: "وَيَقَعُونَ بِالسَّيْفِ وَيُسْبَوْنَ إِلَى جَمِيعِ الأُمَمِ وَتَكُونُ أُورُشَلِيمُ مَدُوسَةً مِنَ الأُمَمِ حَتَّى تُكَمَّلَ أَزْمِنَةُ الأُمَمِ" (لوقا 21: 24). في هذا الشأن، من الجدير ملاحظة أنّه رغم أن إساءة إستعمال الأثاث والأواني المقدسة للمعبد اليهودي سبّبت غضب الله على الملك البابلي بيلشاصر وسقوط المملكة البابلية إلى الفرس (دانيال 5)، إساءة إستخدام الرومان لأثاث المعبد، أكثر من ستّة قرون بعد ذلك، لم تؤدّي إلى غضب الله على الإمبراطورية الرومانية. وضع الرومان بعض أثاث المعبد اليهودي في معبدهم الوثني للسلام في روما. بعد مجيء السيد المسيح، لا المعبد اليهودي ولا أثاثه وأوانيه المقدّسة عنت أيّ شيء لله. وقد رتب الله أن يختفي بالكامل التمييز بين القبائل الإسرائيلية القديمة.
أدى دمار المعبد اليهودي بالقدس إلى نهاية الذبائح الحيوانة التي كانت تقدم بموجب قانون التوراة؛ مما أكّد بداية العهد الجديد للنعمة لأولئك الذين يؤمنون بالسيد المسيح، إبن الله. رمزت هذه التضحيات الحيوانية إلى التضحية الكافية الكاملة للسيد المسيح على الصليب.
(3) موقف القرآن من لاهوت السيد المسيح
(عودة إلى قائمة المحتويات)
موقف القرآن من لاهوت السيد المسيح غير منسجم. إذ بالقرآن آيات تؤيد لاهوت السيد المسيح تأييدا قويا، وبه آيات آخري تنكره.
1. يؤيد القرآن لاهوت السيد المسيح عندما يميزه من كافة الخليقة بدعوته "كلمة الله:" "إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ..." (آل عمران 3: 45، 39؛ النساء 4: 171). من الواضح أن التعبير "كلمة منه (من الله)" في هذه الآيات يشير إلى شخص السيد المسيح، ولا يشير إلي مجرد لفظ الله المنطوق للأنبياء. بل إن "كلمة الله" هو شخص المسيح من الجوهر الإلهي الغير مخلوق الأزلى الأبدي. إذ رغم أن الكلمة (بكلمة منه) مؤنث، فإن الضمير الذي يعود عليها (اسمه) مذكر، مما يدل على أن المقصود ليس اللفظ المنطوق المؤنث، بل شخص السيد المسيح المذكر. شخص الكلمة يصدر من الله ألآب منذ الأزل وإلى الأبد ولذلك فهو يمتلك كل الخواص والطبيعة الإلهية. كلمة الله من جوهر الله أزلية أبدية غير مخلوقة. لقد وُجدت منذ الأزل قبل مريم. لنفس السبب، يعتقد الإسلام السني أن القرآن هو أزلي وغير مخلوق.
2. يؤيد القرآن لاهوت السيد المسيح عندما يدعوه "روح من الله:" "...إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ ألقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مّنْهُ..." (النساء 4: 171؛ البقرة 2: 87، 253؛ المائدة 5: 110؛ الأنبياء 21: 91؛ التحريم 66: 12).
كلمة الله وروح الله هما الله بذاته، لأن الكلمة والروح لا يمكن فصلهما من مصدرهما. نلاحظ أن القرآن لم يدعو أي نبي بهذه الألقاب. احتفظ بها للسيد المسيح وحده دون الآخرين.
هذا يتفق مع تعاليم الكتاب المقدس عن السيد المسيح: "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ. وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً" (يُوحَنَّا 1: 1، 14؛ رُؤْيَا 19: 13). كلمة (ابن) الله وروح الله الأزلي الأبدي من جوهر الله ومساوية له في اللاهوت. الله الآب، وكلمته (الإبن)، وروحه القدوس هو الإله الواحد.
3. يؤيد القرآن لاهوت السيد المسيح عندما يقر بأن السيد المسيح لديه قوات وقدرات يتمتع بها الله وحده.
( أ ) يعرف السيد المسيح خفايا قلوب البشر: "...وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ..." (آل عمران 3: 49). بينما لا يعلم كافة أنبياء ورسل الله هذه الأشياء: "يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ" (المائدة 5: 109؛ الأنعام 6: 50؛ الأعراف 7: 188). يؤكد القرآن أن هذه المعرفة لله وحده (الأنعام 6: 59؛ الرعد 13: 9؛ النمل 27: 65؛ الحجرات 49: 18؛ الجمعة 62: 8).
(ب) للسيد المسيح قدرة خلق حياة (طيور) من طين: "...أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّه وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ..." (آل عمران 3: 49؛ المائدة 5: 110). يخبرنا القرآن أن الله قد خلق الإنسان بنفس الطريقة: "...وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ. ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ..." (السجدة 32: 7، 9؛ الأنعام 6: 2؛ الحجر 15: 28-29؛ ص 38: 71-72). هذه القدرات الإلهية تؤكد لاهوت السيد المسيح لأن القرآن يخص الله وحده بقدرة الخلق: "...اللّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ..." (يونس 10: 34؛ ياسين 36: 77، 81؛ الحجر 15: 86؛ النحل 16: 17، 20؛ الحج 22: 73؛ فاطر 35: 40؛ الأنعام 6: 102؛ الرعد 13: 16؛ الزمر 39: 62؛ المؤمن 40: 62؛ الحشر 59: 24؛ الخ). في الواقع، يستخدم القرآن نفس الفعل "خلق" فقط لأعمال الخلق التي قام بها الله والسيد المسيح. حتى الملائكة لا يمكن أن تخلق حياة من لا حياة.
(ج) للسيد المسيح قوة إقامة الموتى (آل عمران 3: 49؛ المائدة 5: 110). يخصص القرآن قوة إقامة الموتى لله وحده: "وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ..." (الحج 22: 66؛ الحجر 15: 23؛ المؤمنون 23: 80؛ الروم 30: 50؛ ياسين 36: 12، 78-79؛ ق 50: 43). لقد شرح السيد المسيح هذه القوات في الإنجيل قائلا: "لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ (الله) الآبَ يُقِيمُ الأَمْوَاتَ وَيُحْيِي كَذَلِكَ الاِبْنُ أَيْضاً يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللَّهِ وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ. لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ كَذَلِكَ أَعْطَى الاِبْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ" (يُوحَنَّا 5: 21، 25، 26).
4. يؤيد القرآن لاهوت السيد المسيح عندما يقر بأن السيد المسيح معصوم من الخطأ. يخبرنا القرآن أن كل البشر والأنبياء قد أخطئوا فيما عدا شخص واحد في تاريخ البشرية جمعاء—هو السيد المسيح الكامل المعصوم من الخطأ. يخبرنا القرآن أن كافة البشر قد أخطئوا: "وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا (جهنم) كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا" (مريم 19: 71؛ النور 24: 21). يخبرنا أيضا القرآن بخطأ الأنبياء: "...وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى" (طه 20: 121؛ البقرة 2: 36؛ الأعراف 7: 22-23؛ الشعراء 26: 20، 82؛ القصص 28: 16؛ الصافات 37: 142؛ ص 38: 24؛ المؤمن 40: 55؛ محمد 47: 19؛ الفتح 48: 2؛ نوح 71: 28؛ إلخ). كما قد جاء في صحيح مسلم والبخاري الحديث الآتي: "ما منكم من أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله تعالى. قيل: ولا أنت يارسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته." وقد جاء عن أبي هريرة أنه قد قال: "سمعت رسول الله يقول: إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم سبعين مرة."
من جهة أخرى، يؤكد القرآن أن السيد المسيح كامل ومعصوم من الخطأ: "...وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا..." (مريم 19: 31-33، 19؛ آل عمران 3: 36، 46). يتفق موقف القرآن من نقاوة السيد المسيح وعصمته من الخطأ مع تعاليم الإنجيل في هذا الشأن: "(السيد المسيح) الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ" (1 بُطْرُسَ 2: 22؛ يوحنا 8: 46؛ العبرانيين 4: 15؛ إلخ). عصمة السيد المسيح من الخطأ تؤيد لاهوت السيد المسيح، إذ أن الله وحده كامل ومعصوم من الخطأ.
5. يؤيد الحديث لاهوت السيد المسيح عندما يعلن أن السيد المسيح هو الديان العادل في يوم الدينونة: "قال: لا تقوم الساعة حتى ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا" (صحيح البخاري ج 3، ص 107؛ أحاديث الأنبياء 657.55.4؛ البيوع 425.34.3). يتفق هذا الحديث مع تعاليم الإنجيل: "لأَنَّ (الله) الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَداً بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلاِبْنِ (السيد المسيح)" (يُوحَنَّا 5: 22، 27؛ رومية 2: 16؛ متى 13: 41-43؛ رُؤْيَا 22: 12). الديان العادل في اليوم الأخير هو الله وحده. لا يستطيع إنسان أن يأخذ مكان الله في يوم الدينونة. لهذا فالإسلام يؤكد لاهوت السيد المسيح عندما يشهد بأنه الديان العادل في اليوم الأخير.
6. رغم الشهادات الكثيرة في القرآن التي تؤيد لاهوت السيد المسيح كما أوضحنا سابقا، بالقرآن آيات عديدة تنكر لاهوت السيد المسيح: "...مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ..." (المائدة 5: 75، 17، 72، 116؛ النساء 4: 171؛ التوبة 9: 30-31؛ يونس 10: 68؛ الإسراء 17: 111؛ الكهف 18: 4-5؛ مريم 19: 35، 88-93؛ الزخرف 43: 81-83؛ الإخلاص 112: 3؛ إلخ). هذه من المتناقضات الكثيرة في القرآن. يشير هذا التناقض إلى المصادر المختلفة للقرآن. فقد اعتمد القرآن على مصادر مسيحية صحيحة تؤكد لاهوت السيد المسيح، وأخرى هرطقية تنكره. الإبيونية هي بدعة مسيحية هرطقية كانت موجودة في مكة في وقت محمد. أنكرت الأبيونية لاهوت السيد المسيح وصلبه. في الواقع، كان ورقة بن نوفل، ابن عم خديجة (زوجة محمد الأولى)، الأسقف الأبيوني لمكة. علمت المريمات، وهي طائفة مسيحية هرطقية اختفت في نهاية القرن السابع، أن مريم، أم السيد المسيح، إلهة. علمت هرطقة مسيحية أخرى أن الطبيعة البشرية للمسيح قد اندمجت في الطبيعة الإلهية وأصبحت جزءا منها. لقد حاربت المسيحية هذه البدع وأدانتها وحرمتها.
7. جميع الكتاب الرئيسيون لكتب العهد الجديد (الإنجيل، الخ)--متى، مرقس، لوقا، يوحنا، بولس، وبطرس--يؤكدون ألوهية المسيح في شهاداتهم. كتب هؤلاء الرجال بعد وفاة يسوع بحوالي ثلاثين إلى ستين عاما. كانوا جميعا يعرفونه شخصيا أو يعرفون أناسا عرفوه شخصيا. على النقيض من ذلك، لم يعرف محمد يسوع، ولم يعرف أي شخص رآه؟ عاش محمد أكثر من خمسمائة سنة بعد المسيح في ثقافة مختلفة وفي بلد آخر (الجزيرة العربية). رغم ذلك، على أساس تعليمه فقط يعتبر الإسلام يسوع نبيا عظيما ولكن ليس ابن الله المتجسد. من الواضح أن الشهادات الكثيرة من كتاب القرن الأول لكتب العهد الجديد يجب أن يكون لها الأسبقية فيما يتعلق بفهم طبيعة المسيح.
(ج) إستنتاج
(عودة إلى قائمة المحتويات)
كافة التعاليم المسيحية منذ بداية العصر المسيحي تؤكد لاهوت المسيح. فمن المستحيل الإدعاء بأن ألوهية يسوع كانت اختراع لاحق من قبل متعصبين، أو تطور في فهم طبيعة المسيح. ليس فقط إنجيل يوحنا يعلم ألوهية المسيح، ولكن كل كتب العهد الجديد أيضا، بما في ذلك إنجيل مرقس ورسائل بولس، إلخ، تعلم ألوهية المسيح. في الواقع، إن أقدم الأدلة التاريخية المتاحة المكتوبة بضعة سنوات بعد صلب يسوع تؤكد ألوهية يسوع. آمن المسيحيون الأوائل بان يسوع أكثر من نبي. آمنوا بأنه ابن الله الأزلي الأبدي من الجوهر الإلهي الواحد.
يبدو من كثير من الاكتشافات العلمية الحديثة في تخصصات علمية مختلفة أن بعض الحقائق العلمية صعبة على فهم المنطق البشري. لكن إذا لم يتفق المنطق البشري مع الأدلة العلمية القاطعة، فمن الحكمة التمسك بهذه الأدلة وتصديقها. لأنه قد يؤدي هذا إلى منطق أوسع وأفق جديد مفتوح. بينما يؤدي عدم التمسك بهذه الأدلة القاطعة إلى إنكار الحقيقة الواقعة وعدم اكتشافها والمعيشة في عالم من الأوهام.
تثبت الأدلة والحجج القوية القاطعة التي قُدمت هنا لاهوت السيد المسيح. لكن من المهم الإشارة إلى أنّه ليس من الممكن أن تغرس هذه الحجج في حد ذاتها، مهما كانت قوتها، هذا المفهوم الأساسي للإيمان المسيحي في قلب شخص. فإن هذه المجموعة من الأدلة والحجج تشرح وتوضح ما يعرفه ويُعلنه الإيمان بالمسيح — أنّ السيد المسيح هو الابن الأقدس للأب السماوي. الإيمان بلاهوت السيد المسيح هو هبة من الله الآبّ خلال الإبن بالروح القدس: "فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا إِنَّ لَحْماً وَدَماً لَمْ يُعْلِنْ لَكَ لَكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (متى 16: 17)؛ "لِذَلِكَ أُعَرِّفُكُمْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِرُوحِ اللهِ يَقُولُ: «يَسُوعُ أَنَاثِيمَا». وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ" (1 كورنثوس 12: 3). يعطي الله هدية الإيمان المسيحي لمن يبحث عن الحق.
إنّ لاهوت السيد المسيح متفق تماما مع وحدانية الله.
بالمواقع التالية معلومات ودراسات أضافية في موضوع بحثتا:
1. لاهوت المسيح