"إِذاً نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ" (كُورِنْثُوس الثَّانِيَةُ 5: 20) . . . . "بَشَّرْتُ بِبِرٍّ فِي جَمَاعَةٍ عَظِيمَةٍ. هُوَذَا شَفَتَايَ لَمْ أَمْنَعْهُمَا. أَنْتَ يَا رَبُّ عَلِمْتَ. لَمْ أَكْتُمْ عَدْلَكَ فِي وَسَطِ قَلْبِي. تَكَلَّمْتُ بِأَمَانَتِكَ وَخَلاَصِكَ. لَمْ أُخْفِ رَحْمَتَكَ وَحَقَّكَ عَنِ الْجَمَاعَةِ الْعَظِيمَةِ" (المَزَامير 40: 9-10)

آخر وصية


أ) دعوة المسيح
(عودة إلى قائمة المحتويات)

آخر وصية للمسيح: التبشير بالإنجيلقال يسوع لتلاميذه: "إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ" (يوحنا 14: 15). كانت آخر وصية أعطاها السيد المسيح لهم قبل صعوده إلى السماء هي وصية التبشير بالإنجيل: "فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ" (متى 28: 19-20؛ 24: 14؛ مرقس 16: 15؛ 13: 10؛ لوقا 24: 47 -48؛ يوحنا 20: 21). واضاف قائلا: "لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ" (أَعْمَالِ الرُّسُلِ 1: 8).

دعا الله الكنيسة للتبشير بإنجيل المسيح لجميع الأمم. "رَنِّمُوا لِلرَّبِّ بَارِكُوا اسْمَهُ بَشِّرُوا مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ بِخَلاَصِهِ. حَدِّثُوا بَيْنَ الأُمَمِ بِمَجْدِهِ بَيْنَ جَمِيعِ الشُّعُوبِ بِعَجَائِبِهِ" (مزمور 96: 2-3). تعبر هذه الخدمة عن حب الرب يسوع المسيح الإلهي للبشر، وهي جزء أساسي من عمل ملكوت الله (المزامير 119: 46؛ متى 28: 18-20؛ لوقا 4 : 18). كان المجوس أول من أكرموا وبجلوا الطفل يسوع، وكانوا أمميين من الشرق (متى 2: 1-12). كل المؤمنين المسيحيين من جميع الأمم متحدون في إيمانهم بالمسيح، "لأَنَّكُمْ جَمِيعاً أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ. لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ. لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعاً وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (غلاطية 3: 26-28؛ رومية 3: 29-30).

ب) الكنيسة والكرازة
(عودة إلى قائمة المحتويات)

عمل الكرازة هام جدا في الحياة المسيحية لأنه الوصية الأخيرة من الرب قبل صعوده إلى السماء. خدمة الكرازة هي التعبير النهائي الحاسم للإيمان بالمسيح. كانت الكرازة ما فعله السيد المسيح ورسله وتلاميذه على الأرض (لوقا 20: 1؛ أعمال الرسل 8: 4). ليست الكرازة عمل قلة مختارة في الكنيسة. بل إنها مسئولية تقع على عاتق مجمل جسد المسيح على الأرض—كل بحسب مواهب وبركات الروح القدس له. لعلنا ندع الروح القدس لإلهنا الحي القديرأن تعمل بواسطتنا حتي تساعد غير المؤمنين أن ياتوا إلى المسيح.

كانت الكنيسة الأولى للجيل المسيحي الأول كنيسة تبشيرية حقا. بالإضافة إلى المبشرين المُكرسين، مثل الرسل والتلاميذ، كان كل مسيحي مبشرا (أعمال 8: 4). كان هذا أعظم مجد للكنيسة الأولى. لقد أتم رواد مسيحيون مجهولون تأسيس كنائس قوية قديمة مثل كنائس أنطاكية (أعمال الرسل 11: 19-21) وروما. قام الرسولان بطرس وبولس بتنظيم كنيسة روما، لكنهما بالتأكيد لم يؤسسانها. الكنيسة هي أعظم معجزة في التاريخ. هي جسد المسيح الذي يسكنه الله الحي بسرور بواسطة روحه القدوس. الكنيسة هي اللؤلؤة الثمينة التي لا تُقدر بثمن المختفية في الضجيج اليومي للعالم. "أَيْضاً يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَاناً تَاجِراً يَطْلُبُ لَآلِئَ حَسَنَةً، فَلَمَّا وَجَدَ لُؤْلُؤَةً وَاحِدَةً كَثِيرَةَ الثَّمَنِ مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَاهَا" (متى 13: 45-46).

تواصل الكنيسة القيام بخدمة الكرازة، التي بدأها السيد المسيح على الأرض، طوال هذا العصر إلي أقاصي الأرض حتى مجيئه الثاني في مجد وقوة. يسر السيد المسيح أن يشاركه المؤمنون المسيحيون في عمله لخلاص النفوس. انه يدعو جميع المسيحيين إلى مواصلة وإكمال العمل الذي بدأه على الأرض. إنها لكرامة عظيمة حقا أن نعمل معه. إنه يقوم بمعجزات الإيمان الخارقة في الوقت انه يُعينه وبالطريقة التي يختارها. لقد أعلن يسوع قائلا: "... إرْفَعُوا أَعْيُنَكُمْ وَانْظُرُوا الْحُقُولَ إِنَّهَا قَدِ ابْيَضَّتْ لِلْحَصَادِ" (يوحنا 4: 35). وقال القديس يوحنا الذهبي الفم: "إن الوصية الأعلى والأهم للمسيحية التي تعبر عن الإيمان المسيحي بدقة هي هذه: إعمل ما هو أصلح للجميع. ... لا أستطيع أن أصدق أنه من الممكن لإنسان أن يخلص إذا لم يتعب لخلاص جاره."

يعكس النشاط التبشيري لأي كنيسة حيويتها وقوة إيمانها التي تتجلى بوضوح في التضحية بالنفس والاستعداد لخدمة الكرازة التي قد تكتنفها الشدائد. لا تستطيع أشد الاضطهادات أن تطفىء نور إنجيل المسيح.

يؤمن المبشرون المسيحيون بيقين بأنه قد تم فداء البشر. يريدون أن يبشروا الجنس البشري بأكمله بهذا الخبر البالغ الأهمية. كنيسة بدون النشاط التبشيري هي كائن مشلول. إذ أنها تخبىء ضوء الإيمان بالمسيح تحت سلة تمنعه من إرشاد أولئك الذين يعيشون في الظلام. "وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (متى 5: 15-16). يعبر عمل الكرازة عن حيوية الكنيسة. كما أنه مصدر لتجديدها وتقويتها.

ج) المُبشر
(عودة إلى قائمة المحتويات)

النشاط التبشيري هو واجب رئيسي للإيمان المسيحي. إنه يعلن الكنز الأثمن، الذي هو حقيقة خلاص المسيح، إلى عالم يعيش في الظلام. "... مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ الْمُبَشِّرِينَ بِالسَّلاَمِ الْمُبَشِّرِينَ بِالْخَيْرَاتِ" (رومية 10: 15). محبة الله والجار تدفع المبشر إلى عمل الكرازة. "تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ" (مرقس 12: 30-31؛ يشوع 22: 5؛ التثنية 6: 5؛ 10: 12؛ لوقا 7: 47؛ رومية 5: 5). تنبع الأعمال التبشيرية من نعمة الله. لا يمكن القيام بهم بدون مساعدة النعمة الإلهية. يتم إنجازهم بقوة المسيح بواسطة الروح القدس الذي يتعاون ويعمل معه المُبشر.

قد يعاني المبشر كل يوم عشر مرات من نيران المصاعب والإضطهادات من أجل محبة الآخرين. قد يشعر كما قال موسى للرب: "وَالآنَ إِنْ غَفَرْتَ خَطِيَّتَهُمْ - وَإِلاَّ فَامْحُنِي مِنْ كِتَابِكَ الَّذِي كَتَبْتَ" (خروج 32: 32)؛ وكما قال القديس بولس الرسول: "فَإِنِّي كُنْتُ أَوَدُّ لَوْ أَكُونُ أَنَا نَفْسِي مَحْرُوماً مِنَ الْمَسِيحِ لأَجْلِ إِخْوَتِي ..." (رومية 9: 3؛ كولوسي 1: 24). تغمر المبشر وتفيض منه محبته لله والبشرية.

المسيح، ربنا الحبيب، يخرج إلى الجبال للبحث عن الخروف الضال (لوقا 15: 3-7). ينتظر المسيح بصبر عودة ابنه المفقود إليه ليكون معه بعد سنوات من التباعد والانفصال، ويسرع للقائه بالقبلات، ويحتفل بعودته سالما (لوقا 15: 11-32). يقف المسيح عند قلب الإنسان ويقرع لسنوات كثيرة لعل الشخص يفتح باب قلبه، ويستقبله، ويعيش في حياة شركة معه (رؤيا 3: 20). لأن المؤمن المسيحي يعيش في محبة وشركة مع المسيح، يدرك مشاعر قلبه. إنه يشعر بآلامه للضائعيين، وحزنه ودموعه بسبب التراجع الطويل للمسيحية في الشرق الأوسط تحت تأثير قرون من الاضطهاد الإسلامي المستمر للمسيحيين، والإغراءات المادية لهم. تراجعت المسيحية في الشرق الأوسط من دين الأغلبية الساحقة عشية الغزو العربي الإسلامي في القرن السابع إلى دين أقليات مضطهدة في الشرق الأوسط اليوم.

هناك نوعان من المبشرين: السلبي والإيجابي. المبشر السلبي هو الشخص الذي يشع إنجيل المسيح، ويجتذب آخرين إلى المسيح بحياته النقية المسيحية، وقدوته الصالحة وصلواته. إنه يسمح لنور المسيح أن يتألق من خلال كلماته وأعماله الصالحة وحياته النقية. قال السيد المسيح: "أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (متى 5: 13-16؛ كورنثوس الثانية 2: 14-16). من جهة أخرى، المبشرالإيجابي هو الشخص الذي يعيش إنجيل المسيح، وأيضا يعظ به.

ينبغي أن يساهم ويشارك كل مسيحي في الجهد التبشيري للكنيسة بشكل مباشر أو غير مباشر لإزالة الظلام الروحي بنور المسيح السماوي، وحتى تتجلى محبة المسيح التي تحل محل الكراهية، ولتحرير جميع الذين يستجيبوا لدعوة المسيح من عبودية الشيطان (أَعْمَالِ الرُّسُلِ 26: 18). يشكل المبشرون جيش السلام للمسيح على الأرض. هو الجيش الوحيد في العالم الذي يمنح الحياة بدلا من الموت، والحرية بدلا من العبودية. إنه يجلب النور حيث يحل الظلام.

مهمة المبشر هو أن يعلن ويوضح إنجيل المسيح، ويدعو غير المؤمنين إلى الإيمان به. يسبق هذا عمل القس والواعظ. "وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ" (أفسس 4: 11). بعد أن يقبل غير المؤمنين الإنجيل ويتحدوا بالإيمان بالمسيح، يبدأ عمل الكاهن والواعظ لمساعدتهم على النمو في حياة الشركة مع المسيح، ولبنائهم في إيمانهم المسيحي الجديد.

د) المُثابرة
(عودة إلى قائمة المحتويات)

وصف السيد المسيح المُبشر بمثابة الزارع، قائلا: "هَكَذَا مَلَكُوتُ اللَّهِ: كَأَنَّ إِنْسَاناً يُلْقِي الْبِذَارَ عَلَى الأَرْضِ وَيَنَامُ وَيَقُومُ لَيْلاً وَنَهَاراً وَالْبِذَارُ يَطْلُعُ وَيَنْمُو وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ كَيْفَ لأَنَّ الأَرْضَ مِنْ ذَاتِهَا تَأْتِي بِثَمَرٍ. أَوَّلاً نَبَاتاً ثُمَّ سُنْبُلاً ثُمَّ قَمْحاً مَلآنَ فِي السُّنْبُلِ. وَأَمَّا مَتَى أَدْرَكَ الثَّمَرُ فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُ الْمِنْجَلَ لأَنَّ الْحَصَادَ قَدْ حَضَرَ" (مرقس 4: 26-29؛ متى 13: 3-9، 18-23). ولقد قال بولس الرسول باتضاع: "أَنَا غَرَسْتُ وَأَبُلُّوسُ سَقَى لَكِنَّ اللهَ كَانَ يُنْمِي. إِذاً لَيْسَ الْغَارِسُ شَيْئاً وَلاَ السَّاقِي بَلِ اللهُ الَّذِي يُنْمِي" (كورنثوس الأولى 3: 6-7).

العمل التبشيري هو عمل إلهي-بشري مشترك. يعلم المبشرون أنهم يزرعون البذار في الأرض، وأنهم أو آخرون يروونها، ولكن الله وحده يجعلها تنمو وتنتج ثمرا في موسمها المناسب. "... إِنَّ وَاحِداً يَزْرَعُ وَآخَرَ يَحْصُدُ" (يوحنا 4: 37). يجد المبشرون إرتياحا ورضا في نتائج صغيرة وثمار متأخرة لجهودهم قد لا تكون واضحة لهم. قد لا يستجيب شخصا لرسالة الإنجيل عند سماعه الأول لها. لكن، بعد بضعة سنوات، قد تفتح قلبه للمسيح أحداث ولقاءات مثيرة في حياته. الله وحده يعلم لحظة قدومه إلى المسيح. الروح القدس لله القدير يعمل في قلب الإنسان مما يؤدي إلى إدانة الخطيئة، والإيمان بالمسيح، والميلاد الروحي الجديد، والنمو المسيحي. في الأبدية فقط سوف يعرف المبشرون كل ثمار عملهم وكدحهم لسنوات كثيرة على الأرض.

ينتزع المبشرون النفوس الهالكة من الجحيم بقوة الروح القدس. إنهم يعانون الكثير من المصاعب، بما في ذلك الصعوبات المادية، والاستجابة الضعيفة، والاضطهادات. "فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ، عَلَى ظُلْمَةِ هَذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ" (أفسس 6: 12؛ يوحنا 16: 33). قد ينجح المبشر في لقاء واحد فقط من كثيرين، "لأَنَّ كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ يُنْتَخَبُونَ" (متى 22: 14؛ 13: 3-9).

قالت الأم تيريزا: "الرب يدعوننا إلى الأمانة، ليس إلى النجاح."

هؤلاء الذين صمموا الكاتدرائيات الضخمة في أوروبا في العصور الوسطى كانوا قادرين فقط على وضع أحجار الأساس لها. كانوا مقتنعين أن الأجيال المقبلة سوف تواصل ذلك العمل الضخم، ليصل إلى كماله في نهاية المطاف في قرون لاحقة. في هذا الصدد، قال آباء الكنيسة أنه لا شيء ذي قيمة كبيرة يمكن إتمامه في حياة إنسان واحد.

في مؤتمر تامباران التبشيري لعام 1938، كان الأكثر إثارة للمشاعر خطاب ألقاه المبشر الدكتور بول هاريسون. بعد أن قال قصة الخمسة أشخاص الذين قبلوا المسيح بتبشير الإرسالية المسيحية لمسلمي الجزيرة العربية في خمسين عاما للكرازة، جلس قائلا بكلمات هادئة: "كنيسة الجزيرة العربية تحييكم."

على الرغم من العقبات والصعوبات والنتائج المتأخرة الضعيفة، يستمر ويثابر المبشر في عمل الكرازة مُلبيا دعوة المسيح له حتى استشهاده، إذا لزم الأمر، لأجل مجد يسوع المسيح، ربنا.