ألإيقاظ____


تأملات ومنوعات

من الشريعة الإسلامية:

فقه قتل واسترقاق الأطفال

سالار الناصري
salaralnasre@yahoo.com

قائمة المُحتويات:
( أ ) مقدمة
(ب) موقف القرآن
(ج ) موقف الحديث
( د ) من السنة المحمدية
( ه ) فقه الهوية والمصير
( و) فقه جواز قتل الأطفال
( ز) الطفولة والاستعباد
(ح ) بداية الحوار


آيات للتأمل من الكتاب المقدس:
"ﭐِحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَابِ الْحُمْلاَنِ وَلَكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِلٍ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ! مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَباً أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِيناً؟ هَكَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ أَثْمَاراً جَيِّدَةً وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الرَّدِيَّةُ فَتَصْنَعُ أَثْمَاراً رَدِيَّةً. لاَ تَقْدِرُ شَجَرَةٌ جَيِّدَةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَاراً رَدِيَّةً وَلاَ شَجَرَةٌ رَدِيَّةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَاراً جَيِّدَةً. كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. فَإِذاً مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ" (مَتَّى 7: 15-20)


( أ ) مقدمة

يطول حديث أطباء تجميل الإسلام حول حقوق الطفل في الإسلام. وقد يتحمس بعضهم مطالبا بترويج نظرية الحقوق الإسلامية ،لأنها ادعاءات نافعة للاستخدام الإعلاني عبر الصحف ووسائل الأعلام. هذه الحقوق المزعومة من الضروري الاختباء خلفها حتى يتقبل المجتمع الشريعة الإسلامية التي لا تستسيغ إنسانيته الكثير من مفرداتها، ولا يتقبل مواقفها تجاه ذاته وتجاه الآخرين. مما يحتم أن يكون الخطاب الإسلامي لدى الكثيرين من الإسلاميين هو خطاب المداهنة والمسايرة، من قبيل قولهم نؤمن بالديمقراطية كوسيلة لوصولنا إلى السلطة ولكنها ليست بالضرورة قاعدتنا في الحكم. فالادعاء بحقوق الإنسان وحقوق الطفل وحقوق المرأة يعارض الأصول الحقيقية للشريعة الإسلامية. لقد أدرك مثل هؤلاء ان إسلام قطع الرؤوس وسبي النساء واسترقاق الأطفال لا مكان له في عالم اليوم. لا مكان للتطرف الأعمى وللعصبية المتوحشة في عالم الحوار وقبول الآخر. فأخذوا يوهمون أتباعهم برؤى متخيلة ونماذج مزيفة وكان الأجدر بهم ان يكتشفوا الانحرافات ويعالجونها. وأن يرفعوا بمشارط التحليل العلمي الموضوعي الأحكام والمعتقدات المتخلفة الفاسدة التي لا تصلح للتطبيق في مجتمع اليوم.

وبالمقابل، هناك جماعات إسلامية تسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية بدون أقنعة أو تزيين، محاولة العودة بالأمة إلى مرحلة تاريخية قديمة—مرحلة السلف والالتزام بسيرة نبي الإسلام وصحابته. ولم تأل جهدا في تكرار تلك المسيرة من خلال منطق الغزوات، وأسلوب إقصاء الآخر، وشمولية الأحكام، والاستعباد ألاعتقادي للأفراد من خلال أحكام التكفير والارتداد. عادت إلى السنة النبوية بقطع الأعناق في الفضائيات، وتفجير محطات المترو في لندن وكراج النهضة في بغداد، وتفجير مدارس ورياض الأطفال، منطلقة من فتاوي إسلامية يؤيدها النص القرآني والسنة النبوية، والمسيرة التاريخية للفتوح والصراعات الإسلامية. بل على الآخرين أن لا يستغربوا من وجود فقه إسلامي خاص بقتل الأطفال!! بل وعلى الآخرين أن لا يستغربوا من وجود فقه إسلامي خاص باسترقاق الأطفال !! وهو فقه إسلامي واسع وفيه الكثير من المجالات الرئيسية والفرعية حيث عالج ويعالج مئات المسائل الخاصة بقتل واسترقاق الأطفال !!

ويتساءل من له مشاعر إنسانية نبيلة :وهل يعقل ان يدرس علماء الإسلام مثل هذه المسائل وفي وقتنا المعاصر؟ ومن المؤسف أن يكون الجواب :نعم. وتنهال الشواهد: مجزرة للطفولة في البصرة يذهب ضحيتها 68 طفل متوجهين الى مدارسهم صباحا، تمزيق أجساد 42 طفل بمادة (TNT) في حي العامل ببغداد، مقتل 18 طفلا في حي النعيرية بواسطة سيارة متفجرات يقودها انتحاري (استشهادي)!! إقتحام انتحاري (استشهادي) بسيارة متفجرات ملعب للكرة فيقتل ثمانية أطفال ويقطع أقدام ستة أطفال آخرين، ... لقد كثرت المجازر الوحشية للطفولة البريئة في العراق... آلاف من الأطفال يذبحون في مدى عدة اشهر على أيدي جماعات إسلامية ترفع شعار تطبيق الشريعة الإسلامية بالقوة والإرهاب...

ويحاول البعض أن يُجمل بشاعة ما يحدث فيدعي ان تلك جماعات إسلامية متطرفة، دون أن يستنكر الأسس الفقهية الإسلامية التي انطلقت منها. ودون أن يدين النصوص الإسلامية التي خولتها ذبح الطفولة والاستمتاع بتعذيبها. ينبغي استنكار وإدانة تلك النصوص الإسلامية التي هي من الإرث الفقهي الإسلامي، لحماية الأطفال الأبرياء.

ويتناول هذا البحث بالدراسة الإجابة على السؤال الآتي:
ما هي النصوص الإسلامية الخاصة بفقه قتل الأطفال ووجوب استرقاقهم حينما ينتمون إلى أسر غير إسلامية، أو إلى أسر تنتمي إلى مذهب إسلامي مختلف؟
وهناك ملاحظتين لابد الانتباه اليهما في هذا الجزء من الدراسة :
الملاحظة الأولى : النصوص التي اعتمدنا عليها هي من مصادر موثوق بها ومعروفة بالوسطية. فقد أهملنا المصادر المتطرفة لكل المذاهب الإسلامية وكذلك السلفية والوهابية.
الملاحظة الثانية: الشواهد التي نسردها نقدمها كنماذج ولم نقم بسرد كل ما صادفنا من النصوص الكثيرة خشية ان تصبح قراءتها متعبة ومملة للقاريء الكريم. لذا نكتفي بالإشارة ونترك له الفحص والتدقيق والنقد الجريء.

تساؤلات:
-هل يستطيع الطفل أن يوفر لنفســه حاجـــات حياتـــه ومعيشته الضـــرورية ؟
-هل يـقــوى الطفل أن يحمـــي نفسه من المـــؤثرات المحيطة به؟
-هل يستطيع الطفل أن يدافع عــن نفســه ضد الأخطــار المــحدقة به؟
-هل الطــــفل في مرحـــلة الطـــفولة الـمبكــرة والمــتوســطة مســـئول عــن الأخطاء التي يرتكبها (بتوجيه أو بدونه من الآخرين)؟
-هل يمتلك الطفل وعيا كاملا وشعورا واضحا تجاه موضوعات معقدة كالعقيدة وصراع الأديان؟
-أليس الطفل برعم صغير بحاجة إلى النمو لكي يغدو إنسانا متكاملا قادرا على العطاء وتحمل المسئولية؟
-أليس الطفل هو مسئولية مشتركة للإنسانية جمعاء في نموه ورعايته والحفاظ عليه؟
-هل يعقل أن نعاقب طفلا لان ولاء أبيه لعقيدة لا نفضلها ولا نؤمن بها (إذا فرضنا جدلا انه من المقبول أن نعاقب الآخر على ما يؤمن به)؟
-هل يعقل ان نحمل الطفل وزر أبيه اذا كان هو نفسه غير مسئول عن تصرفاته وسلوكه؟
-هـــل من الإنــســانـيـة ان نـــذبــح كــرامــة طـــــفـل؟
-هـــل من الإنــســانـيـة ان نـــمــسـخ هـويــة الـطـفــل؟
-هـــل من الإنــســانـيـة ان نصادر قيمة الطفل كإنسان؟
-هـــل من الإنــســانـيـة ان نغتصب من الطفل حقه في الحياة؟
فنفتي بجواز قتله! ونحث الأمة على ذلك! لا لشيء سوى لان أباه يعتقد بإمكانية الاتصال بإلهه عن طريق ديانة أخرى. أو لان لأبيه أفكار مغايرة حول الدين والعقيدة. أو لأن أبيه يختلف مع الآخرين في تفاصيل فرعية حول الشريعة، أو ينقاد لفتاوي الشيخ الفلاني أو يتحرج من تطبيقها مائة في المائة.

(ب) موقف القرآن

يعترف القران بأن الطفل كائن ضعيف فيقول: "الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة" (الروم 54). وهو يتدرج في مراحل النمو ليصل إلى مرحلة النضج وعندها تبدأ أول تمارين التدرب على السلوك الموجه: "وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته" (النور 59).

ولا ادري أين ضاعت هذه الرؤية الواقعية لقدرات الطفل أمام الآيات القرآنية الأخرى القاسية التي تنطلق من تعصب جامح. ولنا أن نتساءل أين ذهب أطفال تلك القرية حينما قصفتهم أفواج من الملائكة المسلحين بحجارة مدمرة حسب الوصف القرآني: "فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود" (هود 82). لقد كانت قوة التدمير بحيث تتطاير وترتفع أشلاء الأطفال الأبرياء إلى السماء كما يفصل رسول الإسلام رواية القصة قائلا: "ولقد سمع أهل السماء صياح ديكهم وبكاء صغارهم ..." وهكذا الحال مع كل صور الانتقام الإلهي في القران. والصورة تتكرر مع قوم عاد وثمود ونوح و.. و.. "فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مثيد" (الحج 45). أما النصر الإسلامي فهو أشد قوة لأنه يمتد لينهب حتى البئر والقصر: "فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب، حتى اذا اثخنتهموهم فشدوا الوثاق فإما منَا وإما فداء" (محمد 4)؛ "وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها" (الأحزاب 27). فالأطفال، إما يكون مصيرهم الذبح، أو من نجى من السيف يسلط عليه سيف العبودية.

ويبدو أن أطفال غير المسلمين غير مشمولين بحقيقة الطبيعة البشرية بشأن ضعف الطفل وحاجته إلى الرعاية وقصور نضجه وعدم مسئوليته. فهو غير مذنب. فكيف يحاسب على أعمال يقوم بها الكبار؟ وكيف نحمله مسئولية سلوك البالغين من حوله؟ ألم يعتبر القران (في فلتة) ان الأطفال (الولدان) والنساء من المستضعفين الذين لا حول لهم ولا قوة في مجتمع يكون فيه الرجل (الحر) هو سيد الموقف تجاه العبد والمرأة والطفل: "وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها..." (النساء 75). إذا كانت شعوبا لا تستطيع ان تزيل طواغيتها الذين يقودونها إلى استعباد مرير وظلام وتخلف، فكيف نحمل الطفل البريء مسئولية معتقدات أمته أو ثقافة شعبه أو أفكار الجماعة الفرعية التي ينتمي إليها؟

ترى فأين الادعاء بأن: "...ولا تز وازرة وزر أخرى..." (الزمر 7)؛ "ولا تز وازرة وزر أخرى وان تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كانت ذا قربى..." (فاطر 18)؛ "من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون" (الروم 44). فلماذا يتحمل الطفل جريرة والديه؟! ولماذا يعاقب اشد العقاب الدنيوي على جريمة لم يرتكبها ولم يرضى بها ولم يعرف إذا كانت مخالفة لمعتقد الآخر؟! ويا ليت العقاب هو عقاب دنيوي فقط ،بل عقاب أخروي أيضا. يكون الطفل معذبا عذابا خالدا أليما.

(ج ) موقف الحديث

في مسند الإمام احمد بن حنبل:
"قال عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع عن أبى عقيل يحيى بن المتوكل عن بهية عن عائشة إنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أطفال المشركين فقال ان شئت أسمعتك تضاغيهم في النار" (مسند احمد، الإمام احمد بن حنبل، ج 6، ص 208).

وبالرغم من أن عائشة لم تذق طعم الأمومة، لكن مشاعرها الإنسانية تجعلها تنتفض وتثور كما في رواية أخرى. تعترض وتحتج. تغضب وتثور. لكن قد فات الأوان وصدر الحكم. وعلى الأطفال ان يتمرغوا في العذاب الأبدي إلى ما شاء الله: "وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ " (فاطر 36). عذابا أهونه الشواء الوحشي: "إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ان الله كان عزيزا حكيما" (النساء 56). وأيسره توابيت الحديد المغلقة: "فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار .... يصب من فوق رؤوسهم الحميم. يصهر به ما في بطونهم والجلود. ولهم مقامع من حديد. كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق" (الحج 19-22). ثياب من نار.. جمرات الحديد تتقاطر فوق رؤوسهم وتحرق أنسجتهم الحية وتصهر بطونهم وهم خالدون على هذا الحال، موضوعين في توابيت من حديد محكمة. يتألمون في عزلة. ويتعذبون في وحشة. ويسخر منهم الزبانية (وهم الملائكة! الموكلون بالتعذيب) فيخرجونهم ليأكلوا من شجرة الزقوم ويصفها القرآن بـ: "إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم. طلعها كأنه رؤوس الشياطين. فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون. ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم. ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم. إنهم ألفوا آباءهم ضالين. فهم على آثارهم يهرعون. ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين" (الصافات 64-71). وهذا المصير المرعب، لا لشيء إلا لأنهم ولدوا لأبوين يختلفان عقائديا مع نبي الإسلام!!

فكيف يأمر نبي الإسلام أتباعه بقتل الأطفال وقد عاب على بعض الأعراب ممن تضطرهم الظروف المعيشية إلى وأد الطفل في سن صغيرة جدا؟! "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم. إن قتلهم كان خطأ كبيرا" (الإسراء 31)؛ "قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم..." (الأنعام 140)؛ "وإذا بشر احدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون" (النحل 58-59). وتلك الصغيرات هن أيضا من أطفال المشركين. أم أن هذه الآية كانت في المرحلة الدعائية في بدايات الإسلام. وإلا فكيف يجوز قتل الأطفال في سبيل الفتح والغنيمة؟! وإذا كانت الغاية تبرر الوسيلة فأي قيمة تبقى وأي أخلاق تصمد؟! أليس ذبح الأطفال هي السمة المميزة لطغيان فرعون: "وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبنائكم ويستحيون نساءكم..." (إبراهيم 6).

فقتل الطفل الذي ينتمي لعائلة تعتقد بما يعتقد محمد حرام. أما قتل الطفل الذي ينتمي لعائلة لا تعتقد بما يعتقد محمد حلال. ويوحي القران ان سياسة الاستئصال (قتل البالغين وذبح الأطفال) قديمة جدا. تسوغ تحت شعار التطهير العرقي: "وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا" (نوح 26-27). فالتطهير العرقي والقتل بسبب الهوية وسياسة الاستئصال التي جسدها نبي الإسلام في غزواته تأصيل حقيقي لما نستغربه من أساليب الجماعات الإسلامية ونستنكره: "وإذا الموءودة سألت: بأي ذنب قتلت" (التكوير8-9). وأتساءل معك (وإذا الطفولة سألت ،بأي ذنب ذبحت؟). تساؤل دامي أمام جثث الأطفال في غيروزني والرياض ومدريد وكابول وبغداد والبصرة. تساؤل إنساني! ربما يحاول أن يبرره شيوخ المتفجرات وعلماء الذبح الإسلاميون. فيوسعوا الجراح ويلوثوا الكلم بالسموم. وليتهم يصمتوا ويداروا جرائمهم بالخفاء. كما نصح ابن عباس الأمة قائلا : "لا يزال أمر هذه الأمة مؤاما ما لم ينظروا في الولدان والقدر" (الفايق في غريب الحديث، جار الله الزمخشري، ج 1، ص 52). فالمطلوب أن يظل المسلمون عميا لا يبصرون ،وبكما لا يتساءلون، وتبعا لا يفكرون، كي يسهل دوما تحويلهم إلى سيوف للفتوح أو قنابل للرسالة المحمدية..

( د ) من السنة المحمدية

من أقوال نبي الإسلام:
1. "يا معشر قريش أما والذي نفسي بيده ما أرسلت إليكم إلا بالذبح" (كنز العمال – المتقي الهندي- رقم الحديث 11305 – ج4، ص438).
2. "ان عقوبة هذه الأمة السيف" (كنز العمال – المتقي الهندي- رقم الحديث 11316 – ج4، ص442).
3. "قيل : يا رسول الله أطفال المشركين نصيبهم في الغارة بالليل؟ قال: لا حرج فان أولادهم منهم" (كنز العمال – المتقي الهندي- رقم الحديث 11288 – ج4، ص435).
4. "انظروا فان كان انبت الشعر فاقتلوه" (كنز العمال – المتقي الهندي- رقم الحديث 11275– ج4، ص433).

مصادر الحديث والسنة المحمدية المذكورة في هذا البحث هي من مختلف المذاهب والمدارس الإسلامية،ولم استثني منها سوى مصادر الحديث التي يعتمد عليها السلفيون والوهابيون والجماعات الإسلامية المتطرفة خشية ان يدعي البعض بأنها متطرفة. لذا تحيزت بأقصى ما أستطيع إلى مصادر الحديث المعتدلة والمتسامحة. لكي لا يبقى لذي ريب شك. وقد طمحت بتصنيف الأحاديث إلى ثلاثة أصناف: الأول يدور حول مصير أطفال المشركين، والثاني يدور حول استرقاقهم، والثالث يدور حول جواز ذبحهم على الطريقة الإسلامية.

( ه ) فقه الهوية والمصير

الإشراك، الكفر، الفسق، الظلم، النفاق، الارتداد،...إلخ. مصطلحات مطاطة جداً. وترتبط بعضها مع البعض الآخر كشبكة من المشتركات اللفظية مما يبيح بسهولة لطلبة العلوم الإسلامية أو العاملين في الحركات الإسلامية من إصدار أحكام التكفير على مستوى واسع، ابتداءا من تكفير الشخصيات المخالفة إلى تكفير الأمة، وانتهاءا بتكفير أهل الأرض جميعا. وهذا ما سهل احتدام الصراعات الداخلية بين المسلمين منذ نشأة الإسلام. وإني لأعزو سبب وجود هذه المشتركات اللفظية إلى ما يأتي:
1. إن الآيات القرآنية كانت تصدر بصورة آنية لمعالجة مشاكل أو أمور ظرفية تحتاج إلى حلول حاسمة ومواقف حازمة. فالخطاب ألتهديدي هو السائد أمام حالات القلق والعصيان التي كثيرا ما كانت تصبغ الكثير من الأحداث والمواقف.
2. عدم جمع القران في حياة محمد ودراسته والتدبر فيه وبالتالي غياب المحددات الواضحة حول حدود التكفير.
3. آلية الناسخ والمنسوخ كانت تجعل الأحكام في مراجعة مستمرة لكنها كانت تفاقم من الصعوبات التي تواجه الأجيال القادمة في الفهم المقارب للنص.

فالمشرك الكافر الظالم يمكن ان يشمل الإنسان الغير كتابي، وكذلك صاحب الديانة اليهودية والمسيحية، وكذلك الذي ينتمي إلى المذاهب الإسلامية المغايرة لمصدَر الفتوى، وكذلك الأفراد الذين ينتمون لنفس مذهب مصدَر الفتوى لكنهم لا يتبعون أوامره الشخصية أو المعاندين له أو الذين يشعر بمنافستهم له. وعند ذلك يستحل ذبح وقتل ذلك المشرك واغتصاب زوجته وممتلكاته واستعباد أطفاله وبيعهم في أسواق النخاسة التي يجري الإعداد لها في العواصم الإسلامية الكبرى تمهيدا لتطبيق الشريعة الإسلامية.

والتكفير هو مقدمة ضرورية لقتل الآخر.. فقد قاتل محمد القبائل العربية التي خالفته الاعتقاد. وقاتل اليهود والمسيحيين. وقاتل خليفته أبو بكر المسلمين الذين لم يدفعوا الصدقات. وتقاتل المسلمون بعضهم مع البعض الآخر في معارك طاحنة في صدر نشوء الإسلام كما في معركة الجمل وصفين والنهرين، التي ذهب ضحيتها مئات الألوف من الرجال والنساء والأطفال. كل هذا حدث بعد عقدين من موت محمد. فتكفير المسلمين للآخر ولبعضهم البعض سنة أقامها محمد وأكدها خلفاؤه أجمعين. فهي ليست بدعة معاصرة كما يدعي معلمي الفقه الإسلامي. وهي ليست فتنة مخابرات أجنبية كما يصرح المصابون بنظرية المؤامرة. بل إنها نص مرجعي وسنة مرجعية وتاريخ واعتقاد غير قابل للشطب لا بحبر ابيض أو أسود.

ولا يتوقف هذا التكفير على البالغين بل انه يشمل أيضا أطفال هؤلاء الذين تم تكفيرهم. فأطفال المشركين سيكون مصيرهم نار جهنم ،وسوف يعذبون هناك عذابا خالدا.. نقدم فيما يلي نماذج من أحاديث محمد حول مصير هؤلاء الأطفال الذين يعيشون بمئات الملايين في أمم وشعوب الأرض..

1. حدثنا عصمة بن سليمان الخزاز حدثنا أبو عقيل المدني عن ماشطة عائشة قالت: سمعت عائشة تقول: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطفال المسلمين أين هم يا رسول الله يوم القيامة؟
- قال في الجنة يا عائشة
- قالت فقلت فأطفال المشركين أين هم يا رسول الله يوم القيامة؟
- قال في النار يا عائشة.
- قالت فقلت له وكيف ولم يبلغوا الحنث ولم تجري عليهم الأقلام؟
- قال ان الله قد خلق ما هم عاملون لئن شئت لأسمعنك تضاغيهم في النار.
(بغية الباحث، الحارث بن أبي أسامة، ص 237 - باب ما جاء في الأطفال ( 752 ))

2. حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا محمد بن فضيل، عن محمد، عن زاذان، عن علي قال: سألت خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولادها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هم في النار." فلما رأى ما في وجهها قال: "لو رأيت مكانهم لأبغضتهم." قالت : قلت فأولادي منك؟ قال: "في الجنة، والمشركون وأولادهم في النار." ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والذين آمنوا وتبعتهم ذرياتهم." (كتاب السنة، عمرو بن أبي عاصم، ص 94 - باب: في ذكر أطفال المشركين 213-1).

3. وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أطفال المشركين، أنه قال لعائشة: "إن شئت دعوت الله عز وجل أن يسمعك تضاغيهم في النار" (المعجم الأوسط، الطبراني، ج 2، ص 302).

4. حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا وكيع عن أبى عقيل يحيى بن المتوكل عن بهية عن عائشة أنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أطفال المشركين فقال "إن شئت أسمعتك تضاغيهم في النار" (مسند احمد، الإمام احمد بن حنبل، ج 6، ص 208).

5. قال أبو يوسف رحمه الله تعالى: "وقد حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف وأهل خيبر وقريظة والنضير وأجلب المسلمون عليهم فيما بلغنا أشد من قدروا عليه وبلغنا أنه نصب على أهل الطائف المنجنيق. فلو كان يجب على المسلمين الكف عن المشركين إذا كان في ميدانهم الأطفال لنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلهم عندما يقاتلوا لان مدائنهم وحصونهم لا تخلو من الأطفال والنساء والشيخ الكبير الفاني والصغير والأسير والتاجر. وهذا من أمر الطائف وغيرها محفوظ مشهور من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته، ثم لم يزل المسلمون والسلف الصالح من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في حصون الأعاجم قبلنا على ذلك لم يبلغنا عن أحد منهم أنه كف عن حصن برمى ولا غيره من القوة لمكان النساء والصبيان ولمكان من لا يحل قتله لمن ظهر منهم."
قال الشافعي رحمه الله تعالى: "أما ما احتج به من قتل المشركين وفيه الأطفال والنساء والرهبان ومن نهى عن قتله فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أغار على بنى المصطلق غازين في نعمهم وسئل عن أهل الدار يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم، فقال هم منهم يعنى صلى الله عليه وسلم أن الدار مباحة لأنها دار شرك وقتال المشركين مباح."
(كتاب الأم، الإمام الشافعي، ج 7، ص 369)

6. "في الكبير يعني الجامع الكبير لا اكره من إخراج صبيانهم ما اكره من خروج كبارهم لان ذنوبهم أقل ولكن يكره لكفرهم وهذا كله يقتضي أن أطفال الكفار كفار. وقد اختلف العلماء فيهم إذا ما توا قبل بلوغهم فقال الأكثرون هم في النار" (المجموع، محيى الدين النووي، ج 5، ص 72).

ومن الملاحظ أن هذا الموضوع كان يشغل بال ابن عباس كثيرا فتارة يأمر المسلمين بعدم الخوض فيه وتارة أخرى يحاول أن سوق المرويات التي تبرره. وغني عن القول أن هذا الاهتمام جاء متأخرا أي بعد موت محمد بمدة طويلة اخذ فيها المسلمون يتدارسون القران ويراجعون السنة.

7. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن أطفال المشركين فقال: "هم خدم أهل الجنة." وقيل: "هم من خدم الجنة على صورة الولدان خلقوا لخدمة أهل الجنة." (بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 8، ص 108).

8. عن الصدوق ، عن جعفر بن محمد بن شاذان، عن أبيه، عن الفضل، عن محمد بن زياد، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "قال عزير يا رب إني نظرت في جميع أمورك وأحكامها فعرفت عدلك بعقلي، وبقي باب لم أعرفه ، إنك تسخط على أهل البلية فتعمهم بعذابك وفيهم الأطفال، فأمره الله تعالى أن يخرج إلى البرية وكان الحر شديدا، فرأى شجرة فاستظل بها ونام، فجاءت نملة فقرصتها فدلك الأرض برجله فقتل من النمل كثيرا، فعرف أنه مثل ضرب" (بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 41، ص 371).

9. الباب الثالث عشر: الأطفال ومن لم تتم عليهم الحجة في الدنيا ، والآية فيه ، وفيه 22 حديث: "إذا كان يوم القيامة جمع الله الأطفال وأجج لهم نارا وأمرهم أن يطرحوا أنفسهم فيها، فمن كان في علم الله عز وجل أنه سعيد رمى نفسه فيها وكانت عليه بردا وسلامة، ومن كان في علمه أنه شقي امتنع فيأمر الله تعالى بهم إلى النار، فيقولون: يا ربنا تأمر بنا إلى النار ولم يجر علينا القلم؟! فيقول الجبار قد أمرتكم مشافهة فلم تطيعوني، فكيف لو أرسلت رسلي بالغيب إليكم" (بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 801، ص 71). وبالرغم من اللامعقولية في هذا الفعل الإلهي المفترض إلا أن تلك الرواية وأمثالها تشير إلى المأزق الخطير الذي كان معلموا الإسلام يجدون أنفسهم فيه.

10. فتوى: "لا يصلى على أطفال المشركين لإلحاقهم بآبائهم إلا أن يسلم أحد أبويه أو يسبى منفردا عن أبويه" (تذكرة الفقهاء (ط.ج)، العلامة الحلي، ج 2، ص 25).

11. فتوى: "لو سلم عدم صدق الكافر، فلا ينبغي الريب في أن الظاهر من العرف إطلاق اليهودي والنصراني والناصبي على أطفالهم، سيما إذا كانوا مميزين مظهرين لملة آبائهم تابعين لهم" (مستند الشيعة، المحقق النراقي، ج 1، ص 209).

12. سأل الإمام الصادق عن أولاد المشركين يموتون قبل أن يبلغوا الحنث، قال: "كفار، والله أعلم بما كانوا عاملين، يدخلون مداخل آبائهم." وخبر وهب بن وهب عن جعفر ابن محمد عن أبيه (عليهما السلام) "أولاد المشركين مع آبائهم في النار، وأولاد المسلمين مع آبائهم في الجنة." كالمرسل عن الكافي "فأما أطفال المؤمنين فإنهم يلحقون آباءهم، وأولاد المشركين يلحقون آباءهم، وهو قول الله عز وجل: "بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم." ولا ينافي ذلك ما ورد في غير واحد من الأخبار من تأجيج النار للأطفال في يوم القيامة فيؤمرون بالدخول إليها ليعرف المطيع منهم والعاصي (جواهر الكلام، الشيخ الجواهري، ج 6، ص 44).

13. فتوى: "تبعية ولد الكافر له من حيث جواز الأسر والاسترقاق. وهذا هو الذي تسالم عليه الأصحاب. وقد ثبت بالسيرة القطعية في حروب المسلمين حيث إنهم كما كانوا يأسرون البالغين ويسترقونهم من الكفار كذلك كانوا يأسرون أولادهم وأطفالهم. فالتسالم على احدهما لا ينافي النزاع في الآخر. ثم ان ولد الكافر ينبغي ان يخرج عن محل الكلام فيما إذا كان عاقلا رشيدا معتقدا بغير مذهب الإسلام كالتهود والتنصر ونحوهما. وإن كان غير بالغ شرعا. لان نجاسته مسلمة ومما لا إشكال فيه. وذلك لأنه حينئذ يهودي أو نصراني حقيقة وعدم تكليفه وكونه غير معاقب بشئ من أفعاله لا ينافي تهوده أو تنصره. كيف وقد يكون غير البالغ مشيدا لأركان الكفر والضلال مروجا لهما بتبليغه - كما ربما يشاهد في بعض الأطفال غير البالغين - فضلا عن أن يكون هو بنفسه كافرا وعليه فيتمخض محل الكلام فيما إذا كان ولد الكافر رضيعا أو بعد الفطام وقبل كونه مميزا بحيث كان تكلمه تبعا لوالديه متلقيا كل ما القي إليه على نهج تكلم الطيور المعلمة هذا. وقد استدل على نجاسته بوجوه:
الأول: انه - كأبويه - كافر حقيقة بدعوى ان الكفر أمر عدمي وهو عدم الإسلام في محل قابل له والمفروض ان الولد ليس بمسلم كما انه محل قابل للإسلام وقد مران مجرد عدم الإسلام في المحل القابل له عبارة عن الكفر و "فيه" : ان الكفر وان كان أمرا عدميا إلا ان ظاهر الإخبار انه ليس مطلق عدم الإسلام كفرا بل الكفر عدم خاص وهو العدم المبرز في الخارج بشيء. فما دام لم يظهر العدم من احد لم يحكم بكفره فالإظهار معتبر في تحقق الكفر كما انه يعتبر في تحقق الإسلام وحيث ان الولد لم يظهر منه شيء منهما فلا يمكن الحكم بكفره ولا بإسلامه.
الثاني: الاستصحاب بتقريب. إن الولد، حينما كان في بطن أمه علقة، كان محكوما بنجاسته لكونه دما. فنستصحب نجاسته السابقة عند الشك في طهارته "ويرده:" أولا إن النجاسة حال كونه علقة موضوعها هو الدم وقد انقلب إنسانا فالموضوع غير باق، وثانيا: إن الاستصحاب لا يثبت به الحكم الشرعي الكلي على ما بيناه في محله.
الثالث: الروايات كصحيحة عبد الله بن سنان حيث دلت بأجمعها على أن أولاد الكفار كالكفار وإنهم يدخلون مداخل آبائهم في النار كما أن أولاد المسلمين يدخلون مداخل آبائهم في الجنة لان الله اعلم بما كانوا عاملين به.
(كتاب الطهارة، السيد الخوئي، ج 2 ص65-66)

14. فتوى: "عن محمد بن نصر أن آخر قولي أحمد أن المراد بالفطرة الإسلام قال بن القيم وقد جاء عن أحمد أجوبة كثيرة يحتج فيها بهذا الحديث على أن الطفل إنما يحكم بكفره بأبويه فإذا لم يكن بين أبوين كافرين فهو مسلم" (فتح الباري، ابن حجر، ج 3، ص 198).

15. 3041 – "حدثنا إدريس بن جعفر العطار ثنا عثمان بن عمر حدثنا عزرة بن ثابت وحدثنا زكريا الساجي ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا عون بن عمارة حدثني عزرة بن ثابت عن يعقوب عن عمرو بن واثلة قال: "سمعت بن مسعود يحدث الناس في مسجد الكوفة يقول: الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وعظ بغيره. فأتيت حذيفة بن أسيد فقلت: أتعجب من بن مسعود يحدث أن الشقي من شقي في بطن أمه وإن السعيد من وعظ بغيره فما ذنب هذا الطفل. فقال حذيفة وما أنكرت من ذلك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مرارا ذوات عدد إن النطفة إذا استقرت في الرحم فمضى لها أربعون يوما وقال بعض أصحابي ثمانية وأربعين يوما جاء ملك الرحم فصور عظمه ولحمه ودمه وشعره وبشره وسمعه وبصره فيقول يا رب أذكر أم أنثى يا رب أشقي أم سعيد فيقضي الله عز وجل ما شاء ويكتب ثم يقول أي رب أي شيء رزقه فيقضي الله ما شاء فيكتب ثم يطوى بالصحيفة فلا تنشر إلى يوم القيامة" (المعجم الكبير، الطبراني، ج 3، ص 176-177).

وليس القصد من استعراض هذه النماذج العشوائية هو التقصي في مصادر الحديث وآراء مؤسسي المذاهب الإسلامية وفتوى علماء المسلمين حول هذا الموضوع، وهو من المتفق عليه في السنة المحمدية وما تلتها من أحداث تاريخية كما يشير إلى ذلك تلميذ الإمام أبي حنيفة القاضي أبي يوسف، بل القصد هو تبيان المصير الذي سيئول إليه أطفال المشركين في السماء، وكذلك تحديد هويتهم على أساس انتماء والديهم العقائدي وما يمكن ان يستتبع هذا من تكفير، أي قتل واستعباد.

( و) فقه جواز قتل الأطفال

ما هو حكم الإسلام بالنسبة للطفولة البريئة في ظل الحروب؟ ما هو أسلوب نبي الإسلام تجاه أطفال الشعوب والأقوام التي قهرها بسيفه؟ كيف احتضن أصحاب محمد والرعيل الأول من الدعاة يتامى من ذبحوا بأيديهم؟ هل يرضى المسلمون ان تطبق عليهم الشريعة الإسلامية فيما يختص بقوانين الجهاد والفتوح؟ ولنبدأ بسؤال : هل يجوز قتل الأطفال من أجل قهر الآخر؟ والجواب تبوح به هذه النصوص:

1. "وروى ابن عباس عن الصعب بن جثامة قال: قلت: يا رسول نبيت (نهجم ليلا على) المشركين وفيهم النساء والصبيان فقال: إنهم منهم. وأما تخريب المنازل والحصون وقطع الأشجار المثمرة فإنه جايز إذا غلب في ظنه أنه لا يملك إلا بذلك. فإن غلب في ظنه أنه يملكه فالأفضل ألا يفعل فإن فعل جاز كما فعل النبي (صلى الله عليه وآله) بالطايف وبني النضير وخيبر" (المبسوط، الشيخ الطوسي ج 2، ص 11؛ سنن ابن ماجة: ج2، ص947، حديث 2839 ؛ سنن أبي داود :ج3، ص54، حديث 2672).

2. "عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن الصعب بن جثامة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهل الدار من المشركين يبيتون وفيهم النساء والصبيان، فقال: "هم منهم." إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه" (كتاب السنة، عمرو بن أبي عاصم، ص 91).

3. "حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس عن الصعب بن جثامة قال: قلت يا رسول الله إنا نصيب في البيات (الهجوم الليلي) من ذراري المشركين. قال: هم منهم" (المعجم الكبير– الطبراني، ج 8، ص 86). وقد ذكر الطبراني هذا الحديث عن طريق اثنا عشر سندا وبألفاظ متشابهة (راجع المعجم الكبير، الطبراني، ج 8، ص 86-89).

4. "قال أبو بكر نقل أهل السير أن النبي صلى الله عليه وسلم حاصر أهل الطائف ورماهم بالمنجنيق مع نهيه صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والولدان وقد علم صلى الله عليه وسلم أنه قد يصيبهم وهو لا يجوز تعمد بالقتل فدل على أن كون المسلمين فيما بين أهل الحرب لا يمنع رميهم إذا كان القصد فيه المشركين دونهم. وروى الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل الديار من المشركين يبيتون فيصاب من ذراريهم ونسائهم فقال هم منهم. وبعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد فقال أغر على هؤلاء يا بني صباحا وحرق وكان يأمر السرايا بأن ينتظروا بمن يغزونهم فإن أذنوا للصلاة أمسكوا عنهم وإن لم يسمعوا أذانا أغاروا وعلى ذلك مضى الخلفاء الراشدون ومعلوم أن من أغار على هؤلاء لا يخلو من أن يصيب من ذراريهم ونسائهم" (أحكام القرآن، الجصاص، ج 3، ص 525).

5. ويتعجب ابن حزم من هؤلاء الذين تأخذهم الرحمة أو تحركهم العاطفة الإنسانية تجاه الآخرين المخالفين لما يعتقد. ويعلل ذلك بقوله: "أننا نضجع الخروف الصغير ونذبحه ونطبخ لحمه ونأكله ونفعل ذلك أيضا بالفصيل الصغير، ونثكل أمه إياه، ونولد عليها من الحنين والوله أمرا ترق قلوب سامعيه له، وتؤلم نفوس مشاهديها. وقد شاهدنا كيف خوار البقر وفعلها إذا وجدت دم ثور قد ذبح. وكل هذا حلال بلا مأمور به ويكفر من لم يستحله، ويجب بذلك سفك دمه. فأي فرق في العقول بين هذا وبين ذبح صبي آدمي لو أبيح لنا ذلك؟ وقد جاء في بعض الشرائع أن موسى عليه السلام أمر في أهل مدين إذا حاربهم بقتل جميع أطفالهم أولهم عن آخرهم من الذكور، وقد سئل رسول الله عن أطفال المشركين يصابون في البيات ، فقال: "هم من آبائهم." فهل في هذا كله شيء غير الأمور الواردة من الله عز وجل؟" (الأحكام، ابن حزم ج 4، ص 452).

فلماذا يحتج المسلمون على ذبح الأطفال؟ لماذا يبكون على الطفولة التي تمزقها الأحزمة الناسفة وسيارات المتفجرات؟ هذه أمور أباحتها الشريعة الإسلامية!! كانت الأقوام والقبائل تعيش في حصون، وتحتمي بالأسوار هلعا من جيش محمد الغازي. إذ كانت دار الحرب صغيرة ومحدودة. أما اليوم فان دار الحرب أصبحت تمتد من طوكيو إلى نيويورك مرورا بباريس وموسكو ولندن ومدريد. وكذلك تم اعتبار الشعوب الإسلامية نتيجة لصراعات المذاهب والجماعات على السلطة شعوبا جاهلية تستحق ان تنعت بالكفر والضلالة. فلا حرج أن يذبح الأطفال في بغداد وكابول والقاهرة والجزائر. ترى هل يرضى التكفيريون والذابحون الإسلاميون أن يقوم الذين لا يعتنقون الإسلام بتقليدهم بتطبيق الشريعة الإسلامية بحقهم حينما يتساقطون في أيديهم؟ أم تراهم يستغيثون بحقوق الإنسان ومواثيق الأمم المتحدة؟

( ز) الطفولة والاستعباد

ماذا لو أن المحتلين الأمريكيين للعراق لديهم شريعة مثل الشريعة الإسلامية؟ ماذا لو أنهم، في لحظة من الجنون، قرروا تطبيق الأحكام الإسلامية فيما يتعلق بالغزو والفتوح بحق الشعب العراقي؟ دعونا نتصور المشهد فقط... سوف يقومون بهدم كل الجوامع ولن يبقوا على غرفة يرفع منها الآذان لأن ذلك يخالف عقيدة الأمريكيين. وسوف يقوم الجيش الأمريكي بسلب ونهب كل ما يوجد في العراق من خواتيم النساء إلى كنوز الأرض. وبالطبع سوف يحصل الرئيس الأمريكي على خمس الغنائم. وبالطبع فان من ضمن الغنائم سبعة ملايين امرأة عراقية توزع على الجنود الأمريكيين كإماء وجواري بعد ان يسلبن من أزواجهن. وتفتح أسواق للنخاسة في فلوريدا وواشنطن ولوس انجلوس. وأيهن أعظم جمالا بيعت بثمن أعلا. أما أطفال العراق الإثنى عشر مليونا فيعرضون على الإنبات (أي من نبت له شعر العانة). فمن انبت ذبح ،ومن لم ينبت استعبد ووزع على الجنود. أما من رحب بالغزو الأمريكي وتعاون مع المحتلين فيمكن ان يظل في بلده العراق ولكن عليه ان يدفع الجزية ، وأسلوب الدفع يجب ان يكون بطريقة يذل بها ابن البلاد المفتوحة حسب الشريعة الإسلامية.

بالطبع لا احد يريد حتى ان يتخيل هذا الكابوس الوحشي. لكن من الغريب ان تستميت الجماعات الإسلامية في تطبيق هذه الشريعة، وإليك نماذج منها بشأن مصير الأطفال في ظل حروب الشريعة:

1. "ومن أسلم من الكفار وهو بعد في دار الحرب، كان إسلامه حقنا لدمه، من القتل، ولولده الصغار من السبي. فأما الكبار منهم البالغون، فحكمهم حكم غيرهم من الكفار، وما له من الأخذ، كل ما كان صامتا، أو متاعا، أو أثاثا، وجميع ما يمكن نقله إلى دار الإسلام. وأما الأرض، والعقارات، وما لا يمكن نقله فهو فئ للمسلمين. ويجوز قتال الكفار بسائر أنواع القتل وأسبابه، إلا بتغريق المساكن، ورميهم بالنيران، وإلقاء السم في بلادهم" (السرائر، ابن إدريس الحلي، ج 2، ص 7).

2. "الطرف الرابع: في الأسرى، وهم ذكور وإناث. فالإناث يملكن بالسبي، ولو كانت الحرب قائمة، وكذا الذراري. ولو اشتبه الطفل بالبالغ اعتبر بالإنبات، فمن لم ينبت وجهل سنه الحق بالذراري" (شرائع الإسلام، المحقق الحلي، ج 1، ص 241).

3. "والذكور البالغون يتعين عليهم القتل، إن كانت الحرب قائمة، ما لم يسلموا. والإمام مخير، إن شاء ضرب أعناقهم، وإن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وتركهم ينزفون حتى يموتوا. وإن أسروا بعد تقضي الحرب، لم يقتلوا. وكان الإمام مخيرا، بين المن والفداء والاسترقاق. ولو أسلموا بعد الأسر، لم يسقط عنهم هذا الحكم. ولو عجز الأسير عن المشي، لم يجب قتله، لأنه لا يدري ما حكم الإمام فيه؟ ولو بدر مسلم فقتله، كان هدرا. ويجب: أن يطعم الأسير، ويسقى، وإن أريد قتله. ويكره: قتله صبرا، وحمل رأسه من المعركة. ويجب مواراة الشهيد دون الحربي. وإن اشتبها يوارى من كان كميش الذكر. وحكم الطفل المسبي حكم أبويه. فإن أسلما، أو أسلم أحدهما، تبعه الولد. ولو سبي منفردا، قيل : يتبع السابي في الإسلام" (شرائع الإسلام، المحقق الحلي، ج 1، ص 242).

4. "المن: هو أن يجعل المنة عليهم ويعتقهم. الفداء: هو أن يأخذ منهم فدية--مالا مقابل إعتاقهم. الاسترقاق: أي جعلهم عبيدا يوزعونهم على المقاتلين من المسلمين" (شرائع الإسلام، المحقق الحلي، ج 1، ص 242).

5. "ولو كان الأسير طفلا أو امرأة، انفسخ النكاح لتحقق الرق بالسبي. وكذا لو أسر الزوجان" (شرائع الإسلام، المحقق الحلي، ج 1، ص 243).

6. "الفصل التاسع في: بيع الحيوان والنظر فيمن يصح تملكه، وأحكام الابتياع، ولواحقه. أما الأول: فالكفر الأصلي سبب لجواز استرقاق المحارب وذراريه، ثم يسري الرق في أعقابه وإن زال الكفر" (شرائع الإسلام، المحقق الحلي، ج 2، ص 311).

7. "الفصل الثاني: في استرقاق الأسرى إن كانوا إناثا أو أطفالا ملكوا بالسبي وان كانت الحرب قائمة. والذكور البالغون إن اخذوا حال المقاتلة حرم إبقاؤهم ما لم يسلموا. ويتخير الإمام بين ضرب رقابهم وقطع أيديهم وأرجلهم ويتركهم حتى ينزفوا ويموتوا. وإن أخذوا بعد انقضاء الحرب حرم قتلهم، ويتخير الإمام بين المن والفداء والاسترقاق، ومال الفداء ورقابهم مع الاسترقاق كالغنيمة، ولا يسقط هذا التخيير بإسلامهم بعد الأسر. ويجوز استرقاق امرأة كل كافر أسلم قبل الظفر به، ولا يمنع من ذلك كونها حاملا بولد مسلم، وطئها المسلم أو أسلم زوجها، لكن لا يرق الولد" (قواعد الأحكام، العلامة الحلي، ج 1، ص 488).

8. "الطرف الرابع في الأسرى وهم ذكور وإناث. فالإناث يملكن بالسبي، ولو كانت الحرب قائمة، وكذا الذراري. ولو اشتبه الطفل بالبالغ اعتبر بالإنبات، فمن لم ينبت وجهل سنه، الحق بالذراري. والذكور البالغون يتعين عليهم القتل، إن كانت الحرب قائمة، ما لم يسلموا. بإسلامها، فلا يجوز له استرقاقها حينئذ. بخلاف ما لو أسلمت بعد الفتح، فإنها تدفع إليه إن كان مسلما. لأن طرو الإسلام على الملك لا يزيله. وإن كان كافرا دفعت إليه القيمة، لان الكافر لا يملك المسلم. قوله: "وكذا الذراري." الذراري جمع ذرية، وهم ولد الرجل. قاله الجوهري. والمراد هنا غير البالغين منهم، بقرينة المقام. ولو أبدل الذراري بالأطفال كان أجود. قوله: "والذكور البالغون يتعين عليهم القتل إن كانت الحرب قائمة ما لم يسلموا." أي إن أسروا قبل تقضي الحرب، وانقضاء القتال، فإنه يتعين قتلهم. ومقتضى قوله: "ما لم يسلموا" منع تعين قتلهم مع الإسلام. لكن لم يتبين حكمهم معه. وقد حكم الشيخ (رحمه الله) بالتخيير فيهم مع الإسلام بين المن والفداء والاسترقاق. كما لو أسلموا مع أخذهم بعد تقضي الحرب. ويمكن أن يريد المصنف بقوله فيما بعد: "ولو أسلموا بعد الأسر لم يسقط عنهم هذا الحكم" ما يعم الأمرين. أعنى إسلامهم بعد أخذهم حال قيام الحرب وبعده" (مسالك الأفهام، الشهيد الثاني، ج 3، ص 39).

9. "الثاني في الأسرى: والإناث منهم والأطفال يسترقون ولا يقتلون، ولو اشتبه الطفل بالبالغ، اعتبر بالإنبات. والذكور البالغون يقتلون حتما، إن اخذوا والحرب قائمة ما لم يسلموا، والإمام مخير بين ضرب أعناقهم وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وتركهم لينزفوا. وإن اخذوا بعد انقضائها لم يقتلوا. وكان الإمام مخيرا بين المن والفداء والاسترقاق. ولا يسقط هذا الحكم لو أسلموا. ولا يقتل الأسير لو عجز عن المشي ولا يعد الذمام له. ويكره أن يصبر على القتل. ولا يجوز دفن الحربى" (رياض المسائل (ط.ج)، السيد علي الطباطبائي، ج 7، ص 28).

10. "وقال في "جامع المقاصد" أيضا في جواز التفريق بين الطفل وأمه في المملوكة ما نصه: "يجوز التفريق بعد سنتين في الذكر، وبعد سبع في الأنثى (في الحرة) على المشهور بين المتأخرين فليجز ذلك في الأمة لان حقه لا يزيد على الحرة، ولان الناس مسلطون على أموالهم" (القواعد الفقهية، الشيخ ناصر مكارم، ج 2، ص 24).

11. "باب عدم جواز التفرقة بين الأطفال وأمهاتهم بالبيع حتى يستغنوا إلا مع التراضي وحكم الإخوة 1 - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان يعني عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في الرجل يشتري الغلام أو الجارية وله أخ أو أخت أو أب أو أم بمصر من الأمصار، قال: لا يخرجه إلى مصر آخر ان كان صغيرا، ولا يشتريه، وإن كان له أم فطابت نفسها ونفسه فاشتره إن شئت. ورواه الصدوق بإسناده عن ابن سنان، ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد مثله. 2- وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول أتى رسول الله صلى الله عليه وآله بسبي من اليمن. فلما بلغوا الجحفة نفدت نفقاتهم فباعوا جارية من السبي كانت أمها معهم فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وآله سمع بكاءها فقال: ما هذه؟ قالوا: يا رسول الله احتجنا إلى نفقة فبعنا ابنتها. فبعث بثمنها فأتي بها. وقال: بيعوهما جميعا أو امسكوهما جميعا. ورواه الصدوق بإسناده عن معاوية بن عمار مثله" (وسائل الشيعة (الإسلامية)، الحر العاملي، ج 31، ص 41).

12. "وأما المرتد عربيا كان أو أعجميا فلأنه كفر بربه بعدما هدي إلى الإسلام ووقف على محاسنه فلا يقبل من الفريقين إلا الإسلام أو السيف زيادة في العقوبة. وإذا ظهر عليهم فنساؤهم وصبيانهم فئ لان أبا بكر رضي الله عنه استرق نساء بني حنيفة وصبيانهم لما ارتدوا وقسمهم بين الغانمين. إلا أن نسائهم وذراريهم يجبرون على الإسلام بخلاف ذراري عبدة الأوثان ونسائهم. ومن لم يسلم من رجالهم قتل لما ذكرنا" (البحر الرائق، ابن نجيم المصري، ج 5، ص 188).

13. "فلا يقبل منهما، أي من العربي الوثني والمرتد، إلا الإسلام. وإن لم يسلما قتلا بالسيف. وفي الدر المنتقى عن البرجندي أن نسبة القبول إلى السيف مسامحة. قوله: "ولو ظهرنا عليهم، فنساؤهم وصبيانهم فئ" لان أبا بكر رضي الله تعالى عنه استرق بني حنيفة وصبيانهم لما ارتدوا، وقسمهم بين الغانمين. قال هداية في الفتح: إلا أن ذراري المرتدين ونساءهم يجبرون على الإسلام بعد الاسترقاق. بخلاف ذراري عبدة الأوثان : لا يجبرون وكذا نساؤهم. والفرق أن ذراري المرتدين تبع لهم فيجبرون مثلهم، وكذا نساؤهم لسبق الإسلام منهن" (حاشية رد المحتار، ابن عابدين، ج 4، ص 381).

14. "عن أبي ذر قال رسول الله: لينتهين بنو رابعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي فيمضي فيهم أمري فيقتل المقاتلة ويسبي الذرية" (كنز العمال، المتقي الهندي، ج 4، ص 441).

وللمزيد من الإطلاع يمكن مراجعة السيرة المحمدية وكتب الغزوات والفتوح التي لم أتناول نصوصها لأنها غارقة في الوحشية والقسوة مما قد يخالف الوعد الذي قطعته في بداية هذا البحث بتناول النصوص الأكثر اعتدالا، وتسامحا!!

(ح ) بداية الحوار

يطاُطاُ البعض ممن تشع في قلوبهم العواطف الإنسانية رأسه خجلاً من هذا الفقه الذي يبرر، ويحث على، قتل واستعباد الطفولة البريئة. وهو يقول: وهل أنا كذلك ؟! كلا يا أخي بل الإسلام هو هكذا.

هناك بعض الآيات في القران تشير إلى الرحمة وحرية الاعتقاد. وهي آيات مرحلية نزلت حينما كان المسلمون مستضعفون، وجماعة لا حول لها ولا قوة كما يشير إلى ذلك اغلب المنظرون الإسلاميون. أما وبعد أن أصبح الإسلام هو القوة الأولى فإن آية السيف (أية الذبح) نسخت كل ما قبلها. رغم أن البعض يستخدم آيات الرحمة وحرية الاعتقاد في تجميل القناع الإسلامي، لكنها فقهيا وشرعياً غير قابلة للتطبيق.

يبدو انك لم تقتنع. حسنا، هل قرأت الآيات آلاتية في حرية الاعتقاد الديني:
"لكم دينكم ولي دين" (الكافرون 6)؛ "...أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" (يونس 99)؛ "...فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب" (الرعد40)؛ "لا إكراه في الدين..." (البقرة 256).
تقول: نعم هذا هو الإسلام الذي أحب. بلى، لأنك تحب الحرية والرحمة وتحترم الآخر. لكن هذه الآيات قد نسخت حينما امتلك محمد، نبي الإسلام، الجيوش وأسباب النصر والفتوح واستطاع ان يقهر الشعوب والأمم. والآن استمع:
"قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله..." (التوبة 29)؛ "واقتلوهم حيث ثقفتموهم..." (النساء 91)؛ "فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى اذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق..." (محمد 4)؛ "...فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان" (الأنفال 12).

ثم هل تريد ان تختبر في دينك الإسلامي حرية الاعتقاد، أشهر انك غيرت ديانتك واذهب وغير هوية أحوالك المدنية ،ما الذي سيحدث؟ تقول: سوف أقتل لأنني مرتد. وفي حالة تطبيق الشريعة الإسلامية سوف تتحول زوجتك إلى أمة يتهادونها المشايخ أو جارية يتلاعب بها الزبائن. وفي سوق النخاسة يباع أطفالك. ولو امتد تطبيق الشريعة الإسلامية لأجيال فسيبقى أبناء أبناءك عبيدا وجواري.

الحمد لله على عدم تطبيق الشريعة الإسلامية. والحمد لله أن الآخرين ليس لديهم مثل هذه الشريعة. والحمد لله أن الفقهاء لم يتسلطوا بعد على رقاب الناس بشكل مطلق. الحمد لله الذي لا يعرفه الفقهاء ويؤمن به البسطاء. إله محب وعطوف.